عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤٦
ناموس الطب لأبقراط وهذه نسخة ناموس الطب لأبقراط قال أبقراط إن الطب أشرف الصنائع كلها إلا أن نقص فهم من ينتحلها صار سببا لسلب الناس إياها لأنه لم يوجد لها في جميع المدن عيب غير جهل من يدعيها ممن ليس بأهل للتسمي بها إذ كانوا يشبهون الأشباح التي يحضرها أصحاب الحكاية ليلهوا الناس بها فكما أنها صور لا حقيقة لها كذلك هؤلاء الأطباء بالاسم كثير وبالفعل قليل جدا وينبغي لم أراد تعلم صناعة الطب أن يكون ذا طبيعة جيدة مؤاتية وحرص شديد ورغبة تامة وأفضل ذلك كله الطبيعة لأنها إذا كانت مؤاتية فينبغي أن يقبل على التعليم ولا يضجر لينطبع في فكره ويثمر ثمارا حسنة مثل ما يرى في نبات الأرض أما الطبيعة فمثل التربة وأما منفعة التعليم فمثل الزرع وأما تربية التعليم فمثل وقوع البزر في الأرض الجيدة فمتى قدمت العناية في صناعة الطب بما ذكرنا ثم صاروا إلى المدن لم يكونوا أطباء بالاسم بل بالفعل والعلم بالطب كنز جيد وذخيرة فاخرة لمن علمه مملوء سرورا سرا وجهرا والجهل به لمن انتحله صناعة سوء وذخيرة ردية عديم السرور دائم الجزع والتهور والجزع دليل على الضعف والتهور دليل على قلة الخبر بالصناعة وصية أبقراط وهذه نسخة وصية أبقراط المعروفة بترتيب الطب قال أبقراط ينبغي أن يكون المتعلم للطب في جنسه حرا وفي طبعه جيدا حديث السن معتدل القامة متناسب الأعضاء جيد الفهم حسن الحديث صحيح الرأي عند المشورة عفيفا شجاعا غير محب للفضة مالكا لنفسه عند الغضب ولا يكون تاركا له في الغاية ولا يكون بليدا وينبغي أن يكون مشاركا للعليل مشفقا عليه حافظا للأسرار لأن كثيرا من المرضى يوقفونا على أمراض بهم لا يحبون أن يقف عليها غيرهم وينبغي أن يكون محتملا للشتيمة لأن قوما من المبرسمين وأصحاب الوسواس السوداوي
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»