عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٥٧
منه حفظ صحة كل واحد من الأبدان وهذا الكتاب إذا نظر فيه الإنسان اضطره إلى أن ينظر في كتاب الأغذية وفي كتابه في جودة الكيموس ورداءته وفي كتابه في التدبير الملطف وفي شرائط الرياضة مثال ذلك ما في كتاب جالينوس في الرياضة بالكرة الصغيرة ونحو هذا فالكتب الستة عشر التي اقتصر الإسكندرانيون على تعليمها تدعو الناظر فيها إلى النظر في جميع كتب جالينوس التي استكمل بها صناعة الطب مثال ذلك أن النظر في كتاب آلة الشام يتعلق بما في المرتبة الثانية والنظر في كتابه في علل التنفس يتعلق أيضا بهذه المرتبة والنظر في كتابه في سوء التنفس وفي كتابه في منفعة التنفس وكتابه في منفعة النبض وكتابه في حركة الصدر والرئة وكتابه في الصوت وكتابه في الحركات المعتاصة وكتابه في أدوار الحميات وكتابه في أوقات الأمراض وغير ذلك من كتبه ومقالاته ورسائله كل واحد منها له تعلق بواحدة من المراتب السبع أو بأكثر من مرتبة واحدة تدعو الضرورة إلى النظر فيه فإذا ما فعله الإسكندرانيون في ذلك حيلة حسنة في حث المشتغل بها على التبحر في صناعة الطب وأن تؤديه العناية والاجتهاد إلى النظر في سائر كتب جالينوس قال أبو الفرج ابن هندو في كتاب مفتاح الطب أن هذه الكتب التي اتخذها الإسكندرانيون من كتب جالينوس وعملوا لها جوامع وزعموا أنها تغني عن متون كتب جالينوس وتكفي كلفة ما فيها من التوابع والفصول قال أبو الخير بن الخمار وهو أستاذ أبي الفرج بن هندو أنا أظن أنهم قد قصروا فيما جمعوه من ذلك لأنهم يعوزهم الكلام في الأغذية والأهوية والأدوية قال والترتيب أيضا قصروا فيه لأن جالينوس بدأ من الشتريح ثم صار إلى القوى والأفعال ثم إلى الأسطقسات قال أبو الفرج وأنا أرى أن الإسكندرانيين إنما اقتصروا على الكتب الستة عشر لا من حيث هي كافية في الطب وحاوية للغرض بل من حيث افتقرت إلى المعلم واحتاجت إلى المفسر ولم يمكن أن يقف المتعلم على أسرارها والمعاني الغامضة فيها من غير مذاكرة ومطارحة ومن دون مراجعة ومفاوضة فأما الكتب التي ذكرها الأستاذ أبو الخير بن الخمار فالطبيب مضطر إلى معرفتها وإضافتها إلى الكتب التي عددناها غير أنه يمكنه من نفسه الوقوف على معانيها واستنباط الأغراض منها بالقوة المستفادة من الستة عشر التي هي القوانين لما سواها والمراقي إلى ما عداها فإن قلت فما حجة الإسكندرانيين في ترتيبهم لهذه الكتب قلنا إنهم رتبوا بعضها بحسب استحقاقه في نفسه بمنزلة
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 161 162 163 ... » »»