الأنساب - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٢
احبسه لي، فقال له عيسى: أما الحبس فواجب ولكن لا أرى أبي عبد الله، وأنا أقدر على فدائه من مالي. فغرمها عنه عيسى من ماله.
وكان يذهب إلى القول بخلق القرآن. وحكى أن رجلا مسلما بالبصرة أحضر إلى عيسى (1) بن أبان رجلا يهوديا، فوقع اليمين على المسلم فقال له القاضي: قل والله الذي لا إله إلا هو. فقال له اليهودي: حلفه بالخالق لا بالمخلوق، لأنه لا إله إلا هو في القرآن، وأنتم تزعمون أنه مخلوق. قال: فتحير عيسى عند ذلك، وقال: قوما حتى أنظر في أمركما. ومات بالبصرة في المحرم سنة إحدى وعشرين ومائتين.
وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي الكوفي، هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد بن بحير بن معاوية، وأم سعد حبته بنت مالك، من بني عمرو بن عوف، صاحب أبي حنيفة، رحمهما الله، من أهل الكوفة، سمع أبا إسحاق الشيباني، وسليمان التميي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسليمان الأعمش، وهشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر العمري، وحنظلة بن أبي سفيان، وعطاء بن السائب، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وحجاج بن أرطأة، وليث بن سعد، وغيرهم. روى عنه محمد بن الحسن الشيباني، وبشر بن الوليد الكندي، وعلي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن محمد الناقد، وأحمد بن منيع، في آخرين. وكان قد سكن ببغداد، وولاه الهادي موسى بن المهدي القضاء بها، ثم هارون الرشيد من بعده، وهو أول من دعي بقاضي القضاة في الاسلام، ولم يختلف يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المدين، في ثقته في النقل، ولم يتقدمه أحد في زمانه، وكان النهاية في العلم والحكم والرياسة والقدر، وأول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل ونشرها، وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض.
قال محمد بن الحسن: مرض أبو يوسف في زمن أبي حنيفة مرضا خيف عليه منه، قال: فعاده أبو حنيفة ونحن ومعه، فلما خرج من عنده وضع يديه على عتبة بابه. وقال: إن يمت هذا الفتى فإنه أعلم من عليها. وأومأ إلى الأرض.
قال أبو يوسف: سألني الأعمش عن مسألة فأجبته فيها، فقال لي: من أين قلت هذا؟

(١) في إحدى النسخ: " اختصم إلى عيسى " وفي تاريخ بغداد ١١ / 159: " فاختصم رجل مسلم ورجل يهودي عند القاضي ".
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»