الأنساب - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٤٦١
الخطيب: فسألت أبا الحسن الدارقطني عنه؟ فأساء القول فيه والثناء عليه، قال: وسمعت أبا الفضل عبيد الله بن أحمد الصيرفي يذكر أبا الفرج الشنبودي فعظم أمره ووصف علمه بالقراءات وحفظه للتفسير، وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن، وكان مولده في سنة ثلاثمائة ومات في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
وأبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن الشنبود المقرئ المعروف بابن شنبود من أهل بغداد، حدث عن أبي ملسم إبراهيم بن عبد الله الكجي، وبشر بن موسى، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وعبد الرحمن بن جابر الكلاعي الحمصي، وعن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر، روى عنه أبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، ومحمد بن إسحاق القطيعي وغيرهم، ذكره أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ في " تاريخ بغداد " فقال: أبو الحسن الشنبودي، كان قد تخير حروفا من شواذ القراءات تخالف الاجماع وقرأ بها فصنف أبو بكر بن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه، وذكره إسماعيل بن علي الخطبي في " كتاب التاريخ " قال: واشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبود يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف، مما يروى عن ابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما وغيرهما، مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويتبع الشواذ ويقرأ بها ويجادل حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس، فوجه السلطان فقبض عليه في يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير محمد بن علي بن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء والقراء، وناظره - يعني الوزير - بحضرتهم فأقام على ما ذكر عنه ونصره، واستنزله الوزير عن ذلك، فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالف، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه، فضرب نحو العشرة ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث، وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلي عنه، وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، وكتب عليه كتاب بتوبته وأخذ فيه خطه بالتوبة، ثم مات في صفر ثمان وعشرين وثلاثمائة (1).

(1) وقيل: سنة سبع وعشرين، وقيل: خمس وعشرين. كما في " طبقات " ابن الجزري 2: 54 وانظر ترجمته هناك وقول الحافظ الذهبي فيه: " الرجل كان ثقة في نفسه صالحا دينا متبحرا في هذا الشأن، وإنما الحط عليه في قراءته بالشواذ ".
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»