الأنساب - السمعاني - ج ١ - الصفحة ١٧٩
بالتفصيل، ولم يختلف قط في صدقه وصحة سماعه وضبط أبيه يعقوب الوراق لها، وكان مع ذلك يرجع إلى حسن المذهب والتدين، يصلي خمس صلوات في الجماعة، وبلغني أنه أذن سبعين سنة في مسجده وكان حسن الخلق سخي النفس لا يبخل بكل ما يقدر عليه، وربما كان في قديم الأيام يحتاج إلى الشئ لمعاشه فيورق ويأكل من كسب يده، وهذا الذي يعاب به أنه كان يأخذ على التحديث إنما يعيبه به من كان لا يعرفه فإنه كان يكره ذلك أشد الكراهة ولا يناقش أحدا فيه إنما كان وراقه وابنه أبو سعيد يطلبان الناس بذلك وقد كان يعلم به فيكرهه ثم لا يقدر على مخالفتهم، سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد وأولادهم كالحسن بن الحسين بن منصور سمع منه كتاب الرسالة فسمع منه ابنه أبو الحسن بن الحسن في ذلك الكتاب ثم سمعه أبو نصر بن أبي الحسن في ذلك الكتاب ثم سمع منه عمر بن أبي نصر في ذلك الكتاب ومثل هذا كثير كفاه شرفا أن يحدث طول تلك السنين فلا يجد أحد من الناس فيه مغمزا بحجة. قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: ما رأينا الرحالة في بلد من بلاد الاسلام أكثر منها إليه يعني أبا العباس الأصم فقد رأيت جماعة من أهل الأندلس والقيروان وبلاد المغرب على بابه، وكذلك رأيت جماعة من أهل طرار وإسفيجاب وأهل المشرق على بابه، وكذلك رأيت في عرض الدنيا من أهل المنصورة ومولتان وبلاد بست وسجستان على بابه، وكذلك رأيت جماعة من أهل فارس وشيراز وخوزستان على بابه فناهيك بهذا شرفا واشتهارا وعلوا في الدين وقبولا في بلاد المسلمين بطول الدنيا وعرضها. قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب غير مرة يقول: ولدت سنة سبع وأربعين ومائتين، رأى محمد بن يحيى الذهلي ولم يسمع منه، ثم سمع من أحمد بن يوسف السلمي وأبي الأزهر أحمد بن الأزهر العبدي وفقد سماعه عند منصرفه من مصر، ثم رحل به أبوه سنة خمس وستين على طريق أصبهان فسمع هارون بن سليمان وأسيد بن عاصم ولم يسمع بالأهواز ولا البصرة حرفا واحدا، ثم أن أباه حج به في تلك السند وسمع بمكة من أحمد بن شيبان الرملي فقط، ثم أخرجه إلى مصر فسمع محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ويحيى بن نصر الخولاني والربيع بن سليمان المرادي وبكار بن قتيبة القاضي وأقام بمصر على سماع الأمهات كتاب المبسوط للشافعي إلى أن استوفى سماعه، ثم دخل الشام فسمع بعسقلان من أحمد بن الفضل، وببيروت من العباس بن الوليد بن مزيد أقام عليه حتى سمع منه مسائل الأوزاعي، ثم دخل دمشق فسمع من محمد بن هشام بن ملاس النميري أحاديث مروان بن معاوية وسمع من يزيد بن عبد الصمد وغيره، ثم دخل دمياط فسمع من بكر بن سهل وغيره وأقام بطرسوس وسمع الكثير من أبي أمية وذهب بعض سماعاته منه، ثم انحدر إلى حمص فسمع من محمد بن عوف الطائي الكبير وذهب بعض سماعاته منه، ثم دخل الجزيرة فكتب بالرقة عن محمد بن علي بن ميمون وهو إذ ذاك أمام الجزيرة،
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»