الأنساب - السمعاني - ج ١ - الصفحة ١٥٣
إلا لعذر. وقال إبراهيم بن موسى جد حمزة السهمي: كان أبو بكر الإسماعيلي برا بوالديه فلحقته بركة دعائهما وقال: لما ورد نعي محمد بن أيوب الرازي دخلت الدار وبكيت وخرجت (1) ومزقت على نفسي القميص ووضعت التراب على رأسي فاستجمع علي أهلي ومن في منزلي وقالوا: ما أصابك؟ فقلت: منعتموني الارتحال إلى محمد بن أيوب فسلوا قلبي وأذنوا لي بالخروج عند ذلك وأصحبوني خالي إلى نسا إلى الحسن بن سفيان - وأشار إلى وجهه وقال: لم يكن لي ههنا طاقة - فقدمت عليه وسألته أن أقرأ عليه المسند فأذن لي وقرأت عليه جميع المسند وغيره من الكتب وكان ذلك أول رحلتي في طلب الحديث ورجعت إلى وطني ثم خرجت إلى بغداد في سنة ست وتسعين ومائتين. وحكى حمزة بن يوسف السهمي عن أبي الحسن الدارقطني قال: كنت عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أرزق. وكان الحسن بن علي الحافظ المعروف بابن غلام الزهري بالبصرة يقول: كان من الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنف لنفسه شيئا ويختار على حسب اجتهاده فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كان كتب ولغزارة علمه وفهمه وجلالته وما كان له أن يتبع كتاب البخاري فإنه كان أجل من أن يتبع غيره. قال السهمي: وكان أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ يحكي جودة قراءته وقال: كان مقدما في جميع المجالس وكان إذا حضر مجلسا لا يقرأ غيره. وكان أبو القاسم البغوي يقول: ما رأيت أقرأ من أبي بكر الجرجاني. وقال السهمي: ما من يوم يمر إلا وكان يحضر الإسماعيلي من الغرباء الجوالين ممن يفهم ويحفظ مقدار أربعين أو خمسين.
توفي أبو بكر الإسماعيلي بجرجان يوم السبت غرة رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ودفن يوم الاحد، وصلى عليه ابنه أبو نصر، وهو ابن أربع وتسعين سنة وأشهر. قلت: وزرت قبره وقبور أولاده بجرجان في حظيرة لهم. ومن أولاد الامام أبي بكر الإسماعيل الجرجاني جماعة، منهم أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي، ترأس في حياة والده أبي بكر وبعد وفاته إلى أن توفي، وكان له جاه عظيم وقبول عند الخاص والعام في كثير من البلدان ويحل بكتابه العقد، وكان كتب الحديث الكثير عن أبي يعقوب النحوي وأبي العباس الأصم وبالعراق ومكة والري وهمذان، روى عنه حمزة بن يوسف السهمي، وكان يعرف الحديث ويدري، وأول ما جلس للاملاء في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي في سنة ست وستين في مسجد الصفارين إلى أن توفي والده ثم انتقل إلى المسجد الذي كان يملي والده فيه ويملي كل سبت إلى أن توفي لثلاث بقين من سهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعمائة، وصلى عليه أبو معمر الإسماعيلي. وابن أخيه أبو معمر

(1) في نسخ أخرى " صرخت ".
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»