تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ترجمة المؤلف ٢٠
روايته فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه.
والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين - قول أحد من الطاعنين، أن السلف رضوان الله عليهم قد سبق من بعضهم كلام كثير في حال الغضب، ومنه ما حمل على الحسد كما قال ابن عباس استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض، فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زربها وفي قول له: خذوا العلم حيث وجدتم، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة.
ومثل هذا القول نقل عن مالك بن دينار وأبي حازم الذي قال: سمعت أبي يقول:
العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقي العالم من فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة.
وإذا لقي من هو مثله ذاكره.
وإذا لقي من هو دونه لم يزه عليه، حتى كان هذا الزمان، فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء ان ينقطع منه حتى يرى الناس أنه ليس بحاجة إليه، ولا يذاكر من هو مثله، ويزهى على من هو دونه فهلك الناس.
- ومنه ما حمل على جهة التأويل مما لا يلزم القول فيه ما قاله القائل فيه.
وقد حمل بعضهم على بعض بالسيف تأويلا واجتهادا لا يلزم تقليدهم في شئ منه دون برهان ولا حجة توجبه (1).
قال العز بن عبد السلام: تحت فصل البدع ما نصه:
البدعة فعل ما لم يعهد في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وبعد تقسيمه البدع: إلى بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة.. قال: وللبدع الواجبة أمثلة، منها:
الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم، وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعين، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه (2).

1 - الجامع ج 2 - 187. 2 - قواعد الاحكام ج‍ 1 - 204.
(ترجمة المؤلف ٢٠)