الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ١٠٢
وكان مرجعا في الحديث النبوي، حتى لقب بلقب " أمير المؤمنين " في الحديث وهذا اللقب لا يظفر به الا أكبر المحدثين الأفذاذ وقد حبب إلى ابن حجر الحديث واقبل عليه بكليته وطلبه من سنة ثلاث وتسعين ولكنه لم يلزم الطلب الا من سنة ست فعكف على الزين العراقي به وانتفع بملازمته، وتحول إلى القاهرة فسكنها قبيل القرن وارتحل إلى البلاد الشامية والمصرية والحجازية واخذ عن الشيوخ والأقران واذن له جل هؤلاء في الافتاء والتدريس.
وتصدر لنشر الحديث وقصر نقسه عليه مطالعة وقراءة وإقراء وتصنيفا وإفتاء وزادت تصانيفه التي معظمها في فنون الحديث وفيها من فنون الأدب والفقه - على مائة وخمسين تصنيفا وقد عرف ابن حجر بالحفظ وكثرة الاطلاع والسماع وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه وأثنى عليه شيوخه في هذا الشأن وقد سبق انه ولي تدريس الفقه بالمدرسة الشيخونيه وتدريس الحديث بالمدرسة الجمالية الجديدة ثم تدريس الشافعية بالمؤيدة الجديدة ومشيخة البيبرسية في دولة المؤيد وتدريس الفقه بالمدرسة الصلاحية المجاورة للامام الشافعي، كما تولى الخطابة بالجامع الأزهر وبين التدريس والافتاء ولي منصب القضاء، وكانت أول ولايته القضاء في السابع والعشرين من المحرم سنة سبع وعشرين وثمانية بعد أن امتنع أولا لأنه كان لا يؤثر على الاشتغال بالتأليف والتصنيف شيئا غير أن ابن حجر كما يقول السخاوي قد ندم على قبوله وظيفة القضاء ويقول ابن حجر ان من آفة التلبس بالقضاء ان بعضهم ارتحل إلى لقائي وانه بلغه تلبسي بوظيفة القضاء فرجع، وعزل عن القضاء وأعيد إليه مرات وكان اخر ولايته القضاء إذ عزل نفسه في الخامس والعشرين من جمادي الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
شيوخه:
بلغ عدد شيوخه بالسماع وبالإجازة وبالإفادة عل ما بين بخطه نحو أربعمائة وخمسين نفسا، وإذا استثنينا الذين أجازوا عموما فقد ترجم في " المجمع المؤسس " لأكثر من ستمائة شيخ، وذكر بعضهم ان عدد شيوخه بلغ ستمائة نفس سوى من سمع منه من الاقران.
واجتمع له من الشيوخ الذين يشار إليهم ويعول في حل المشكلات عليهم ما لم يجتمع لأحدكم من أهل عصره، لان كل واحد منهم كان متبحرا ورأسا في الذي اشتهر به " فالبلقيني في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع وابن الملقن في كثرة التصانيف العراقي في معرفة علوم الحديث متعلقاته، والخيثمي في حفظ المتون، واستحضارها والمجد الشيرازي في حفظ اللغة واطلاعه عليها، والغماري في معرفة العربية ومتعلقاتها، وكذا المحب ابن هشام
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»