الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٤٤
وها هو صلى الله عليه وسلم يحرض المؤمنين على القتال فيقول: " ضمن الله لمن خرج في سبيل الله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وايمان بي، وتصديق برسلي، فهو على ضامن ان أدخله الجنة أو أرجعه إلى سكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده، مامن كلم يكلم في سبيل الله الا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، لونه لن الدم، وريحه ريح مسك، والذي نفس محمد بيده، لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله عز وجل ابدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتبعوني ويشق عليهم أن يختلوا عنى، والذي نفس محمد بيده لودت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ".
أنت ترى في هذه الكلمات النبوية قوة هائلة محولة تجعلها مائلة في الأذهان كما تجعل النفوس رخيصة هينة في سبيل الدفاع عن الدين والأوطان، حتى لقد كان الرجل يستمع إلى هذه المرغبات والمشوقات وهو يأكل، فما يصبر حتى يتم طعامه، بل يرمى بما في يده، ويقوم فيجاهد متشوقا إلى الموت، متلهفا على أن يستشهد في سبيل الله.
العامل الثاني عشر اهتداء الصحابة - رضوان الله عليهم - بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله صلى عليه وسلم يحلون ما فيهما من جلال، ويحرمون ما فيهما من حرام، ويتبعون ما جاء فيهما من نصح ورشد. ويتعهدون ظواهرهم وبواطنهم بالتربية والأدب الاسلامية دستور هم القرآن، وإمامهم الرسول عليه الصلاة والسلام.
وما من شك أن العمل بالعلم يقرره في النفس أبلغ تقرير وينقشه في صحيفة الفكر أثبت نقش، على نحو ما هو معروف في فن التربية وعلم النفس، من أن التطبيق يؤيد المعارف والأمثلة تقيد القواعد، ولا تطبيق أبلغ من العمل، ولا مثال أمثل من التباع، خصوصا المعارف الدينية، فأنها تزكو بتفيدها، وتزيد باتباعها.
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) أي هداية ونورا تفرقون به بين الحق والباطل، وبين الرشد والغي كما جاء في بعض وجوه التفسير.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»