الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٣٠
.................... * فصدف قلبا خاليا فتمكنا العامل الرابع:
حبهم الصادق لله ولرسوله ملك مشاعرهم، واحتل مكان العقيدة فيهم، وأنت تعرف من دراسة علم النفس ان الحب إذا صدق وتمكن حمل المحب على ترسم آثار محبوبه، والتلذذ بحديثه، والتنادر باخباره، ووعى كل ما يصدر عنه، ويبدو منه، ومن هنا كان حب الصحابة لله ورسوله من أقوى العوامل على حفظهم كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حد قول القائل: (البسيط) لها أحاديث من ذكراك تشغلها * عن الشراب وتلهيها عن الزاد لها بوجهك نور يستضاء به * ومن حديثك في أعقبها حاد ادا شكت من كلال السيد واعدها * روح القدوم فتجيا عند ميعاد اما حب الصحابة العميق لله تعالى قلا يحتاج إلى شرج وبيان، ولا إلى إقامة دليل عليه وبرهان فهم كما قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم هير القرون قرني ثم الذين يلونهم، وهم الذين بذلوا نفوسهم ونفائسهم رخيصة في سبيل رضاه، وهم الذين باعوا الدنيا بما فيها يبتغون فضلا من الله، وهم الذين حملوا هداية الاسلام إلى الشرق الغرب، وأتوا بالعجب العجاب في نجاح الدعوة الاسلامية بالحضر والبدو، وكانوا احريا بمدح الله لهم غير مرة في القرآن بثناء الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث عظيمة الشأن واما مظاهر حبهم للرسول صلى الله عليه وسلم فما حكاه التاريخ الصدق عنهم من أنه ما كان أحد يحب أحدا مثل ما كان أصحاب محمد يحبون محمدا، دم الرجل منهم رخيص في سبيل ان يفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من شوكة يشاكها في أسفل قدمه، وماء وضوئه يبتدرونه في اليوم الشديد البرد
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»