الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ١٥٨
الفصل الأول في تعريف الصحابي وأصح ما وقفت عليه من ذلك [أن] الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على الاسلام، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعلمي.
ويخرج بقيد " الايمان " من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى.
وقولنا: " به " يخرج من لقيه مؤمنا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محل احتمال، ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه.
ويدخل في قولنا: " مؤمنا به " كل مكلف من الجن والإنس، فحينئذ يتعين ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور، وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجن الذين عرفوا في كتاب الصحابة فليس بمنكر لما ذكرته.
وقد قال ابن حزم في " كتاب الأقضية " من " المحلى ": من ادعي الاجماع فقد كذب على الأمة، فإن الله تعالى قد أعلمنا أن نفرا من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فهم صحابة فضلا، فمن أين للمدعي إجماع أولئك؟.
وهذا الذي ذكره في مسألة الاجماع لا نوافقه عليه، وإنما أردت نقل (2) كلامه في كونهم صحابة.
وهل تدخل الملائكة؟ محل نظر، قد قال بعضهم: إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثا إليهم أم لا؟ وقد نقل الامام فخر الدين في أسرارهم التنزيل الاجماع على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مرسلا إليهم، واحتج بأشياء يطول شرحها. وفي صحة بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفي.
وخرج بقولنا: " ومات على الاسلام " من لقيه مؤمنا به ثم ارتد، ومات على ردته
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»