ميزان الاعتدال - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
أقول: فأما ابن خليل فإنه سكن مراكش وفاس، وكان ابن دحية بالأندلس فكيف لقيه أو سمع منه؟ وكذلك ابن حنين فإنه خرج عن الأندلس ولم يعد، بل سكن مدينة فاس، ومات بها سنة تسع (1) وستين وخمسمائة، فبالجهد أن يكون ابن دحية روى الموطأ عن هذين بالإجازة فالله أعلم، واستباح ذلك على رأى من يسوغ قول: حدثني بكذا ويكون إجازة، لكنه قد صرح بالسماع فيما أرى.
وقال قاضي حماة ابن واصل: كان ابن دحية مع فرط معرفته بالحديث وحفظه الكثير متهما بالمجازفة في النقل، وبلغ ذلك الملك الكامل، فأمره أن يعلق شيئا على كتاب الشهاب، فعلق كتابا تكلم فيه على أحاديثه وأسانيده، فلما وقف الكامل على ذلك قال له - بعد أيام: قد ضاع منى ذلك الكتاب، فعلق لي مثله، ففعل فجاء في الكتاب الثاني مناقضة للأول، فعرف السلطان صحة ما قيل عنه، وعزله من دار الحديث الكاملية آخرا، ثم ولى أخاه أبا عمرو عثمان.
قلت: وقيل: إنما عزله لأنه حصل له تغير ومبادئ اختلاط.
وله عدة كنى: أبو حفص، أبو الفضل، أبو علي الداني الكلبي.
وكان يحمق ويتكبر، ويكنى نفسه، ويكتب ذو النسبتين بين دحية والحسين، فلو صدق في دعواه لكان ذلك (2) رعونة. كيف وهو متهم في انتسابه (3) إلى دحية الكلبي الجميل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جرأه على ذلك لأنه كلبي نسبة إلى موضع من ساحل دانية، ويقال الكلفي بين الفاء والباء، ولهذا كان يكتب أولا الكلبي معا. وأما انتسابه إلى الحسين عليه السلام فإنه (4) من قبل جد لامه، فإن جده عليا هو الملقب بالجميل تصغيرا للجميل بالعبارة المغربية، وكان طويلا أعنق فوالدة الجميل هي ابنة الشريف أبي البسام العلوي الحسيني الكوفي، ثم الأندلسي.

(1) ل: ست وتسعين.
(2) س: لكان له رعونة.
(3) ل: بانتسابه.
(4) ل: فهو أنه من قبل.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»