سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٩٩
وحكم ثم تعصب أصحاب المقتدر له، وأعيد بعد قتل جماعة، منهم: أبو الهيجاء بن حمدان، وعفا المقتدر عن أخيه، وحضر بين يديه باكيا. فقال:
يا أخي، أنت لا ذنب لك، ثم بايعوه بعد المقتدر، فصادر حاشية أخيه وعذبهم، وضرب أم المقتدر بيده، وهي عليلة. ثم ماتت معلقة بحبل، وعذب أم موسى القهرمانة، وبالغ في الإساءة، فنفرت منه القلوب، وطلب ابن مقلة من الأهواز واستوزره، وكان قد نفي.
ولم يكن القاهر متمكنا من الأمور، وحكم عليه علي بن بليق (1) الرافضي الذي عزم على سب معاوية - رضي الله عنه - على المنابر.
فارتجت العراق، وقبض على شيخ الحنابلة البربهاري، ثم قوي القاهر ونهب دور مخالفيه، وطين على ولد أخيه المكتفي بين حيطين، وضرب ابن بليق وسجنه، ثم أمر بذبحه، وبذبح أبيه، وذبح بعدهما مؤنسا الكبير ويمنا وابن زيرك. وبذل للجند العطاء، وعظم شأنه. ونادى بتحريم الغناء والخمر، وكسر الملاهي (2)، وهو مع ذلك يشرب المطبوخ والسلاف، ويسكر ويسمع القينات. واستوزر غير واحد. وقتل أبا السرايا بن حمدان، وإسحاق النوبختي ألقاهما في بئر، وطمت لكونهما زايداه في جارية قبل الخلافة (3). وبقي ابن مقلة في اختفائه يراسل الجند ويشغبهم على القاهر، ويخرج متنكرا في زي عجمي (4)، وفي زي شحاذ، وأعطى منجما ذهبا ليقول للقواد: عليكم قطع من القاهر، ويعطي دنانير لمعبري الأحلام، فإذا قص

(1) انظر الصفحة / 55 / تعليق رقم / 2 / من هذا الجزء.
(2) " المنتظم ": 6 / 249 - 250.
(3) " الكامل ": 8 / 295 - 296.
(4) في " الكامل ": 8 / 279 " أعمى " وترجمة " ابن مقلة " ستأتي رقم / 86 / من هذا الجزء.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»