سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٤٥٠
قال ابن زولاق: وحدثني علي بن حسن، قال: سمعت ابن الحداد، يقول: كنت في مجلس ابن الإخشيذ، يعني: ملك مصر، فلما قمنا أمسكني وحدي، فقال: أيما أفضل أبو بكر، وعمر، أو علي؟
فقلت: اثنين حذاء واحد، قال: فأيما أفضل أبو بكر، أو علي؟ قلت: إن كان عندك فعلي، وإن كان برا (1) فأبو بكر، فضحك.
قال: وهذا يشبه ما بلغني عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنه سأله رجل: أيما أفضل أبو بكر، أو علي؟ فقال: عد إلي بعد ثلاث، فجاءه، فقال: تقدمني إلى مؤخر الجامع، فتقدمه، فنهض إليه، واستعفاه، فأبى، فقال: علي، وتالله لئن أخبرت بهذا أحدا عني لأقولن للأمير أحمد بن طولون، فيضربك بالسياط.
وقد ولي القضاء من قبل ابن الإخشيذ ثم بعد ستة أشهر، ورد العهد بالقضاء من قاضي العراق ابن أبي الشوارب لابن أبي زرعة، فركب بالسواد. ولم يزل ابن الحداد يخلفه إلى آخر أيامه.
وكان ابن أبي زرعة يتأدب معه، ويعظمه، ولا يخالفه في شئ، ثم عزل عن بغداد ابن أبي الشوارب بأبي نصر يوسف بن عمر، فبعث بالعهد إلى ابن أبي زرعة.
قال ابن خلكان: صنف أبو بكر بن الحداد كتاب " الفروع " في المذهب، وهو صغير الحجم، دقق مسائله، وشرحه جماعة من الأئمة.
منهم: القفال المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي إلى أن

(1) برا: كلمة مولدة بمعنى علانية، ومنه: " من أصلح جوانيه، أصلح الله برانيه " أي:
من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»