سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٢١٤
قلت: فقد وفى - رحمه الله - بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما ضعفه شديد، ووهنه غير محتمل، وكاسر (1) عن ما ضعفه خفيف محتمل، فلا يلزم من سكوته - والحالة هذه - عن الحديث أن يكون حسنا عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث، الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح، الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري، ويمشيه مسلم، وبالعكس، فهو داخل في أداني مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذبا بين الضعف والحسن، فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من (2) الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو من شطر الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخر، ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيدا، سالما من علة وشذوذ، ثم يليه ما كان إسناده صالحا، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا، يعضد كل إسناد منهما الآخر، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه. فمثل هذا يمشيه أبو داود، ويسكت عنه غالبا، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا

(1) كسر من طرفه: غض.
(2) في الأصل: (ما) وهو خطأ.
(٢١٤)
مفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»