سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٥
الإفك، فنفرت منه قلوب خلق من أتباعه ومقلديه.
ولم يجد لجيشه لما كثروا بدا من أرزاق، فقرر للجندي في الشهر عشرة دنانير، فحسد قواده الفرسان، وشغل بإنشاء الأبنية، وفتر عن الزنج، فهموا بالفتك به.
وأنشأ القائد الشعراني مدينة منيعة، فأخذت، وهرب الشعراني.
وأنشأ سليمان بن جامع مدينة سماها: " المنصورة "، وحصنها بخمسة خنادق (1)، وطولها فرسخ، فأخذت، ونجا ابن جامع.
وبقي الموفق يكرم كل من فر إليه، ويخلع عليهم. وكتب إلى الخبيث يدعوه إلى التوبة من ادعاء مخاطبة الملائكة، ومن تحريفه القرآن وضلالته، فما أجاب بشئ، وحصن مدينته " المختارة " التي بنهر أبي الخصيب، حتى بقيت يضرب بها المثل، ونصب فيها المجانيق والأسلحة بما بهر العقول، وبها نحو مئتي ألف مقاتل، فما قدر عليها الجيش إلا بالمطاولة، وأنشأ تلقاءها الموفق مدينة وسكنها، ولم يزل إلى أن أخذ " المختارة " فهرب الخبيث إلى مضائق في نهر أبي الخصيب، لا تصل إليها سفينة ولا فارس، ثم برز في أبطاله، وقاتل أشد قتال، وهو يقول:
وعزيمتي مثل الحسام، وهمتي * نفس أصول بها كنفس القسور وإذا تنازعني أقول لها اسكتي * قتل يريحك أو صعود المنبر (2)

(1) في الأصل، " بخمس ".
(2) البيتان في مجلة " المورد " العراقية، المجلد الثالث، العدد الثالث (1974 م)، ص 170، وقد جمع فيها الأستاذ أحمد جاسم صاحب النجدي أشعار صاحب الزنج بين الصفحات: 167 - 174. فلينظر تخريج شعره هناك.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»