سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ١٧٥
وقال بعض من لا يعلم: إنه ابتدع ما ابتدعه ليدس دين النصارى في ملتنا، وإنه أرضى أخته بذلك، وهذا باطل، والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة، بل هو في مناظريهم (1). وكان يقول بأن القرآن قائم بالذات بلا قدرة ولا مشيئة. وهذا ما سبق إليه أبدا، قاله في معارضة من يقول بخلق القرآن. وصنف في التوحيد، وإثبات الصفات، وأن علو الباري على خلقه معلوم بالفطرة والعقل على وفق النص، وكذلك قال المحاسبي في كتاب " فهم القرآن ". ولم أقع بوفاة ابن كلاب. وقد كان باقيا قبل الأربعين ومئتين.
وذكر له ابن النجار ترجمة فلم يحررها، وذكر أنه كان في أيام الجنيد، وسمع شيئا من عبارات الصوفية، وتعجب منه وهابه.
قال محمد بن إسحاق النديم: وابن كلاب من نابتة الحشوية، له مع عباد بن سلمان مناظرات، فيقول: كلام الله هو الله، فيقول عباد: هو نصراني بهذا القول.
وقال أبو العباس البغوي: قال لي فيثون النصراني: رحم الله عبد الله، كان يجيئني إلى البيعة، وأخذ عني، ولو عاش لنصرنا المسلمين.
فقيل لفيثون: ما تقول في المسيح؟ قال: ما يقوله أهل سنتكم في القرآن.

(1) كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعها، وقد وصفه إمام الحرمين ت 478 ه‍ في كتابه " الارشاد " ص: 119: بأنه من أصحابنا. وقال السبكي في " طبقاته ": أحد أئمة المتكلمين. وشيخ الاسلام ابن تيمية يمدحه في غير ما موضع في كتابه " منهاج السنة "، وفي مجموعة رسائله ومسائله، ويعده من حذاق المثبتة وأئمتهم، ويرى أنه شارك الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف في الرد على مقالات الجهمية. وحين تكلم أبو الحسن الأشعري في كتابه " مقالات الاسلاميين "؟ / 189، 299 عن أصحابه، ذكر أنهم يقولون بأكثر مما ذكرناه عن أهل السنة.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»