سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٨٦
ضلالا بعيدا، أو قال: مبينا.
قال أبي: وإنما تركت الأسانيد لما تقدم من اليمين التي حلفت بها مما قد علمه أمير المؤمنين، ولولا ذاك، ذكرتها بأسانيدها. وقد قال الله تعالى:
(وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) (التوبة:
6). وقال: (ألا له الخلق والامر) (الأعراف: 54). فأخبر أن الامر غير الخلق. وقال: (الرحمن، علم القرآن، خلق الانسان، علمه البيان) (الرحمن: 1 - 4). فأخبر أن القرآن من علمه. وقال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير) (البقرة: 120). وقال: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك) (البقرة: 145). إلى قوله: (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين) (البقرة: 145). فالقرآن من علم الله. وفي الآيات دليل على أن الذي جاءه هو القرآن. وقد روي عن السلف أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، وهو الذي أذهب إليه، لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شئ من هذا إلا ما كان في كتاب الله، أو في حديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه، أو عن التابعين. فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود.
فهذه الرسالة إسنادها كالشمس، فانظر إلى هذا النفس النوراني. لا كرسالة الإصطخري (1)، ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبد

(١) هو أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسي الإصطخري. ورسالته هذه المتضمنة لمذاهب أهل العلم ومذاهب الأثر، رواها عن الامام أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وقد ذكرها بتمامها القاضي أبو الحسين في " طبقات الحنابلة " ١ / ٢٤، ٣٦، وفيها من العبارات ما يخالف ما عليه السلف، مما يستبعد صدوره من مثل هذا الامام الجليل، كقوله فيها: " وكلم الله موسى تكليما من فيه " و " ناوله التوراة من يده إلى يده ". وربما كان ذلك مدعاة للمؤلف أن يطعن في صحة نسبتها إلى الإمام أحمد. ونص كلام المؤلف في " تاريخ الاسلام ": "... قلت:
رواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهد بالله أنه أملاها على ولده، وأما غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الإصطخري، ففيها نظر. والله أعلم ".
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»