سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٣١٤
وعن شقيق قال: كنت شاعرا، فرزقني الله التوبة، وخرجت من ثلاث مئة ألف درهم، ولبست الصوف عشرين سنة، ولا أدري أني مراء حتى لقيت عبد العزيز بن أبي رواد، فقال: ليس الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف، الشأن أن تعرف الله بقلبك، ولا تشرك به شيئا، وأن ترضى عن الله، وأن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في أيدي الناس (1).
وعنه: لو أن رجلا عاش مئتي سنة لا يعرف هذه الأربعة، لم ينج: معرفة الله، ومعرفة النفس، ومعرفة (2) أمر الله ونهيه، ومعرفة عدو الله وعدو النفس (3).
وقد جاء عن شقيق مع تألهه وزهده أنه كان من رؤوس الغزاة.
وروى محمد بن عمران، عن حاتم الأصم قال: كنا مع شقيق ونحن مصافوا العدو الترك، في يوم لا أرى إلا رؤوسا تندر (4) وسيوفا تقطع، ورماحا تقصف، فقال لي: كيف ترى نفسك، هي مثل ليلة عرسك؟ قلت: لا والله، قال: لكني أرى نفسي كذلك، ثم نام بين الصفين على درقته (5) حتى غط، فأخذني تركي، فأضجعني للذبح، فبينا هو يطلب السكين من خفه، إذ جاءه سهم عائر ذبحه (6).

(1) " حلية الأولياء " 8 / 59.
(2) في الأصل: بمعرفة.
(3) " حلية الأولياء " 8 / 60.
(4) أي: تسقط.
(5) الدرقة: هي الترس المصنوع من الجلد بلا خشب.
(6) الخبر في " حلية الأولياء " 8 / 64، وسهم عائر: أي لا يدري راميه، وينشد:
إذا انتسؤوا فوت الرماح أتتهم * عوائر نبل كالجراد نظيرها قال ابن بري: عوائر نبل، أي: جماعة سهام متفرقة لا يدرى من أين أتت.
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»