سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٨٦
وعن أبي حفص السائح، عن أبي بشر قال: كان كرز بن وبرة من أعبد الناس، وكان قد امتنع من الطعام، حتى لم يوجد عليه من اللحم، إلا بقدر ما يوجد على العصفور، وكان يطوي أياما كثيرة، وكان إذا دخل في الصلاة لا يرفع طرفه يمينا، ولا شمالا. وكان من المحبين المخبتين لله، قد وله من ذلك، فربما كلم فيجيب بعد مدة من شدة تعلق قلبه بالله، واشتياقه إليه.
ابن يمان عن سفيان، عن كرز قال: لا يكون العبد قارئا حتى يزهد في الدرهم.
وعن عمرو بن حميد الدينوري، عن بعض أهل جرجان، عن أبيه، رأيت في النوم: كأني أتيت على قبور أهل جرجان: فإذا هم جلوس على قبورهم، عليهم ثياب بيض فقلت: يا أهل القبور مالكم؟ قالوا: إنا كسينا ثيابا جددا لقدوم كرز بن وبرة علينا.
قلت: هكذا كان زهاد السلف وعبادهم، أصحاب خوف وخشوع، وتعبد وقنوع، ولا يدخلون في الدنيا وشهواتها، ولا في عبارات أحدثها المتأخرون من الفناء، والمحو، والاصطلام، والاتحاد، وأشباه ذلك، مما لا يسوغه كبار العلماء.
فنسأل الله التوفيق والاخلاص، ولزوم الاتباع.
21 - عطاء السليمي * البصري العابد، من صغار التابعين. أدرك أنس بن مالك، وسمع من الحسن البصري، وجعفر بن زيد، وعبد الله بن غالب الزاهد.
واشتغل بنفسه عن الرواية.
روى عنه مرجى بن وداع، وإبراهيم بن أدهم، وخليد بن دعلج، وصالح

تاريخ البخاري 3 / 475، حلية الأولياء 6 / 215 - 226، تبصير المنتبه 2 / 746.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»