سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ١٥٥
وهي أول دخولي البصرة، ولم ننكر منه شيئا. وكان قد قيل لنا: إنه قد اختلط.
وقد سمع منه إسحاق الأزرق بعدنا.
وروى عباس، عن يحيى بن معين، قال: سمع يحيى بن سعيد من الجريري، وكان لا يروي عنه.
وقال أحمد: كان أيوب السختياني يقدم الجريري على سليمان التيمي لأنه كان يخاصم القدرية. وكان أيوب لا يعجبه أن يخاصمهم. وقال: ومن غرائب الجريري حديث مسلم " إذا بويع لخليفتين فاقتل الا حدث منهما " (1).
وحديث " لا تقل عليك السلام، فإنها تحية الميت " (2)، وقد رويا له في

(1) أخرجه مسلم (1853) في الامارة، باب: إذا بويع لخليفتين، من حديث خالد بن عبد الله، عن الجريري، عن أبي نضرة عن أبي سعيد. وفيه " الآخر " بدل " الا حدث ".
(2) أخرجه أحمد 3 / 482 من حديث إسماعيل بن إبراهيم، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن أبي تميمة الهجيمي (وقد تحرف إلى الهجيني) قال إسماعيل مرة: عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من قومه قال: لقيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم،... وقد رواه الحاكم في مستدركه 4 / 168 من طريق الجريري، عن أبي السليل، عن أبي تميمة الهجيمي، عن جابر بن سليم الهجيمي، وصححه، ووافقه عليه الذهبي. وأخرجه أبو داود (4084) في اللباس، باب: ما جاء في إسبال الازار من طريق: مسدد، عن يحيى، عن أبي غفار، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي جري جابر بن سليم. وإسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (2723) من طريق الحسن بن علي الخلال عن أبي أسامة، عن أبي غفار به، وقال:
حديث حسن صحيح. وقوله: " لا تقل عليك السلام فإنها تحية الميت " قال ابن القيم في مختصر السنن 6 / 49: الدعاء بالسلام دعاء بخير والأحسن في دعاء الخير أن يقدم الدعاء على المدعو له; كقوله تعالى: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)، وقوله: (وسلام عليه يوم ولد، ويوم يموت) وقوله تعالى: (سلام عليكم بما صبرتم). وأما الدعاء بالشر فيقدم المدعو عليه على الدعاء غالبا، كقوله تعالى لإبليس: (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) وكقوله تعالى: (وإن عليك اللعنة) وكقوله تعالى: (عليهم دائرة السوء)، وكقوله تعالى:
(عليهم غضب، ولهم عذاب شديد) وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إشارة إلى ما جرت منهم في تحية الأموات، إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم، كقوله:
عليك سلام الله قيس بن عاصم * ورحمته ما شاء أن يترحما وكقول الشماخ:
عليك سلام من أديم وباركت * يد الله في ذاك الأديم الممزق وليس مراده أن السنة في تحية الميت، أن يقال: " عليك السلام " كيف؟! وقد ثبت في الصحيح عنه، عليه السلام، أنه دخل المقبرة فقال: " السلام عليكم أهل دار مؤمنين " فقدم الدعاء على اسم المدعو له، كهو في تحية الاحياء، فالسنة لا تختلف في تحية الاحياء والأموات.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»