سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٢٧١
التستري، وأبو عوانة الوضاح، وأمم سواهم.
وهو حجة بالاجماع إذا بين السماع، فإنه مدلس معروف بذلك، وكان يرى القدر، نسأل الله العفو. ومع هذا فما توقف أحد في صدقه، وعدالته، وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل. ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه، يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك.
قال معمر: أقام قتادة عند سعيد بن المسيب ثمانية أيام، فقال له في اليوم الثالث: ارتحل يا أعمى فقد أنزفتني (1).
قال معمر: وسمعت قتادة يقول: ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئا، وعنه قال: ما سمعت شيئا إلا وحفظته، قال عبد الرزاق: قتادة من بكر ابن وائل.
وقال يحيى بن معين: ولد قتادة سنة ستين، وكان من سدوس. قال الإمام أحمد: مولد قتادة والأعمش واحد.
عبد الرزاق، عن معمر، قيل للزهري: أقتادة أعلم عندكم أو مكحول؟
قال: لا بل قتادة، ما كان عند مكحول إلا شئ يسير.
عبد الرزاق، عن معمر، قال: قال محمد بن سيرين: قتادة أحفظ الناس، أو من أحفظ الناس.
أبو هلال الراسبي، عن غالب القطان، عن بكر المزني، قال: من سره

(1) أي: أخذت مني علمي كله ولم يبق منه شئ، يقال: نزفت ماء البئر نزفا: إذا نزحته كله.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»