سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٥٢
عن الأسود، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء " (1).
قرأ الأسود على عبد الله بن مسعود. تلا عليه يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي.
وروى يحيى بن سعيد العطار في زهد الثمانية عن يزيد بن عطاء، عن علقمة بن مرثد قال: كان الأسود يجتهد في العبادة، ويصوم حتى يخضر ويصفر، فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ فقال: مالي لا أجزع، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لاهمني الحياء منه مما صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحيا منه.
وروى شعبة، عن الحكم، أن الأسود كان يصوم الدهر - هذا صحيح عنه - وكأنه لم يبلغه النهي عن ذلك (2)، أو تأول.

(1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 2 / 104 و 4 / 237 والخطيب في " تاريخ بغداد " 6 / 334.
وموسى بن عمير الذي تفرد به ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " القسم الأول من المجلد الرابع 155 نقلا عن عبد الرحمن عن أبيه قال: [موسى بن عمير] أبو هارون ذاهب الحديث كذاب. وضعفه أبو زرعة، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات. وذكره الهيثمي في " المجمع " 3 / 63، 64 وعزاه للطبراني وقال: فيه موسى بن عمير الكوفي متروك.
2) وهو ما أخرجه البخاري 495 في الصوم باب صوم داود عليه السلام، ومسلم 1159 في الصيام باب النهي عن صيام الدهر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا صام من صام الأبد، صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله " وقوله: " لاصام من صام الأبد " بمعنى الدعاء عليه. قال أبو بكر بن العربي في العارضة 3 / 299: فيا بؤس من أصابه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأما من قال إنه خبر، فيا بؤس من أخبر عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم، فقد علم أنه لا يكتب له ثواب لوجوب الصدق في خبره صلى الله عليه وسلم، وقد نفى الفضل عنه فكيف يطلب ما نفاه النبي عليه السلام.
وروى عبد الرزاق في المصنف 7371 من حديث ابن عيينة، عن هارون بن سعد، عن أبي عمرو الشيباني قال: كنا عند عمر بن الخطاب فأتي بطعام له، فاعتزل رجل من القوم، فقال: ماله؟
قال: إنه صائم، قال وما صومه؟ قال: الدهر. قال فجعل يقرع رأسه بقناة معه ويقول: كل يا دهر، كل يا دهر. واسناده صحيح.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»