سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ٩٨
الخامسة والثلاثين ولا أستبعد أن يتضمن المجلد الرابع عشر خمس طبقات إذا قايسنا ذلك ببقية المجلدات.
وقد استعمل المؤلفون المسلمون هذا الأسلوب في عرض التراجم منذ فترة مبكرة من تاريخ الحركة التأليفية، وهو فيما يرى روزنتال تقسيم إسلامي أصيل قد يبدو أقدم تقسيم زمني وجد في التفكير التاريخي الاسلامي، ولم يكن نتيجة مؤثرات خارجية، بل هو نتيجة طبيعية لفكرة:
صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالتابعون.. الخ (1)، ومما يؤيد هذا حديث أورده البخاري ونصه: " خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " (2) وقد أشار العيني في شرحه إلى أن خير القرون الصحابة ثم التابعون ثم أتباع التابعين (3). وهذا المفهوم يظهر واضحا في كتب الإمام ابن حبان البستي المتوفى سنة 354 ه‍ حيث قسم الرواة في كتابيه " الثقات " و " مشاهير علماء الأمصار " إلى ثلاث طبقات هم: الصحابة، والتابعون، وأتباع التابعين، فصارت الطبقة هنا تعني الجيل.
وقد حاول بعض العلماء أن يجعل للطبقة تحديدا زمنيا واضحا، فجعلها بعضهم عشرين سنة (4)، وجعلها آخرون أربعين سنة (5)، وهلم جرا.

(١) علم التاريخ عند المسلمين: ١٣٣ ١٣٤.
(٢) الصحيح ٥ / ٢ ٣ (ط. الشعب) باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من حديث عمران ابن حصين.
(٣) عمدة القاري: ١٦ / ١٧٠.
(٤) انظر " طبق " من لسان العرب.
(٥) استنادا إلى حديث " أمتي على خمس طبقات كل طبقة أربعون عاما ".
(سنن ابن ماجة: ٢ / 1349) ولا يصح، بل أورده ابن الجوزي في " الموضوعات ".
(مقدمة الكتاب ٩٨)