سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ٥٢
القراء الكبار على الطبقات والاعصار " الذي هو إلى كتاب التراجم أقرب منه إلى القراءات وإن كانت محتوياته غالبا ما تتعلق بموضوع القراءات. وقد شهد له ابن الجزري بالاحسان فيه (1)، لذلك سلخه بأجمعه في كتابه " غاية النهاية " كما نص على ذلك في المقدمة (2)، ووصفه شمس الدين السخاوي بأنه " كتاب حافل " (3). ومع كل ذلك فإن هذا الوجه من حياة الذهبي العلمية هو أضعف الوجوه وأقلها آثارا.
على أن مكانة الذهبي العلمية وبراعته تظهر ان في أحسن الوجوه إشراقا وأكثرها تألقا عند دراستنا له محدثا يعنى بهذا الفن، فقد مهر الذهبي في علم الحديث وجمع فيه الكتب الكثيرة " حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا (4) ".
وقد رأينا إقباله العظيم عليه وشرهه لسماعه، وذلك العدد الضخم من الشيوخ الذين حوتهم معجمات شيوخه الثلاثة، والكتب، والاجزاء، والمجاميع الكثيرة التي قرأها على الشيوخ أكثر من مرة. وقد فتحت له هذه المعرفة الواسعة آفاقا عظيمة في هذا الفن فاختصر عددا كبيرا من الكتب، وألف عددا أكبر يستبينه الباحث عند إلقائه نظرة على قائمة مؤلفاته في هذا المجال. كما ألف في مصطلح الحديث كتبا، وخرج التخاريج الكثيرة من الأربعينات، والثلاثينات، والعوالي، والاجزاء، ومعجمات الشيوخ، والمشيخات، وغيرها مما فصلنا القول فيه عند كلامنا على آثاره (5).
ومع أن الذهبي قد عاش في عصر غلب عليه الجمود والنقل والتخليص،

(١) " غاية " ٢ / ٧١.
(٢) المصدر نفسه ١ / ٣.
(٣) " الاعلان " ص ٥٦٤.
(٤) ابن حجر: الدرر 3 / 426.
(5) كتابنا: " الذهبي ومنهجه ": 139 فما بعد.
(مقدمة الكتاب ٥٢)
مفاتيح البحث: الغلّ (1)، الوسعة (1)