سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٤٨
ابن إسحاق: حدثني صالح بن كيسان عن سعد بن مالك قال: كنا قبل الهجرة يصيبنا ظلف العيش وشدته، فلا نصبر عليه، فما هو إلا أن هاجرنا، فأصابنا الجوع والشدة، فاستضلعنا بهما، وقوينا عليهما. فأما مصعب بن عمير، فإنه كان أترف غلام بمكة بين أبويه فيما بيننا، فلما أصابه ما أصابنا، لم يقو على ذلك، فلقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية، ولقد رأيته ينقطع به، فما يستطيع أن يمشي، فنعرض له القسي ثم نحمله على عواتقنا، ولقد رأيتني مرة، قمت أبول من الليل، فسمعت تحت بولي شيئا يجافيه، فلمست بيدي فإذا قطعة من جلد بعير، فأخذتها، فغسلتها حتى أنعمتها، ثم أحرقتها بالنار، ثم رضضتها فشققت منها ثلاث شقات، فاقتويت بها ثلاثا (1).
قال ابن إسحاق: وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله، صلى الله عليه وسلم حتى قتل، قتله ابن قمئة الليثي، وهو يظنه رسول الله. فرجع إلى قريش، فقال: قتلت محمدا فلما قتل مصعب، أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب، ورجالا من المسلمين (2).

(1) رجاله ثقات. إلا أن صالح بن كيسان، مؤدب عمر بن عبد العزيز، لم يدرك سعد بن مالك فهو منقطع. وذكره ابن الأثير في " أسد الغابة " 5 / 182، والحافظ في " الإصابة " 9 / 209 من طريق ابن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن بعض آل سعد عن سعد. وقوله: فاقتويت بها ثلاثا: أي تقويت. يقال: قوي فهو قوي: وتقوى واقتوى. وقال رؤبة: وقوة الله بها اقتوينا.
(2) انظر ابن هشام 2 / 73، وابن سعد 3 / 1 / 85 و " الاستيعاب " 10 / 251.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»