سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ١٠٦
" التقريب " (1).
لقد اخترع المحدثون التنظيم على الطبقات لخدمة دراسة الحديث النبوي الشريف ومعرفة إسناد الحديث ونقده، فهو الذي يؤدي إلى معرفة فيما إذا كان الاسناد متصلا، أو ما في السند من إرسال (2) أو انقطاع (3) أو عضل (4) أو تدليس (5)، أو اتفاق في الأسماء مع اختلاف في الطبقة (6).
وكان نظام الطبقات على غاية من الأهمية في العصور الأولى التي لم يعتن المؤلفون فيها بضبط مواليد الرواة ووفياتهم إنما كانت تحدد طبقاتهم بمعرفة شيوخهم والرواة عنهم.
على أن من أكبر عيوب التنظيم على الطبقات صعوبة العثور على الترجمة لغير المتمرسين بهذا الفن تمرسا جيدا، فضلا عن عدم وجود تقسيم موحد للطبقة عند المؤلفين. وحينما توفرت للمؤلفين مادة كافية لضبط تاريخ المواليد والوفيات ازداد عدد المؤلفين الذين ينظمون كتبهم الرجالية على الوفيات، أو على حروف المعجم. وقد كان من جملة انتقادات أبي الحجاج المزي للحافظ عبد الغني المقدسي في تنظيمه لكتابه " الكمال في أسماء الرجال " أنه أفرد تراجم الصحابة عن بقية التراجم المذكورة في كتابه، قال: " وقد كان صاحب الكتاب رحمه الله ابتدأ بذكر الصحابة، أولا الرجال منهم والنساء على حدة، ثم ذكر من بعدهم على حدة، فرأينا ذكر الجميع

(1) التقريب: 2 / 273.
(2) المرسل: ما رواه التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3) المنقطع: أن يسقط من السند رجل ليس بصحابي.
(4) المعضل: ما سقط من إسناده اثنان أو أكثر على التوالي.
(5) المدلس: هو الذي يروي عمن لقيه أحاديث لم يسمعها منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه سمعه منه.
(6) وذلك كثير فيعرف الشخص من طبقته وشيوخه.
(مقدمة الكتاب ١٠٦)