النبي (صلى الله عليه وآله) لبس الحرير لأحد من الرجال إلا لعبد الرحمان بن عوف، وذلك أنه كان رجلا قملا، ولا ريب في إرادة وصوله إلى حد الضرورة المبيحة، وإلا ثبت جوازه لغير الأمرين المذكورين المنافي لظاهر النصوص والفتاوى، بل ربما أدرج أولهما في ثانيهما، وإن كان هو خلاف ظاهر العطف في كلام الأكثر، بل وخلاف إطلاق النصوص، نعم ينبغي الفرق بين ضرورة القمل ونحوه وضرورة البرد مثلا بجواز الصلاة فيه في الثانية دون الأولى، لعدم خوف ضرر القمل بلبس غيره حال الصلاة خاصة، بخلاف البرد المفروض التضرر بنزعه معه ولو حال الصلاة خاصة، أما لو فرض العكس انعكس الحكم، وبالجملة فالمدار على الضرورة حال الصلاة، واحتمال الاكتفاء في رفع مانعيته للصلاة بجواز لبسه للضرورة لا للتلازم بين البطلان وحرمة اللبس، والجواز والصحة، ضرورة تعقل الانفكاك، بل لدعوى ظهور النصوص والفتاوى في اتحاد موضوع الحرمة والبطلان والصحة والجواز واضح المنع، بل يمكن القول بوجوب ساتر آخر ولو فوقه في صورة جوازه للضرورة، إذ هي ترفع مانعيته لا تثبت (1) صلاحيته، لتحقق الساتر المأمور به الذي علم من الأدلة كونه غير حرير، لعدم اقتضاء دليلها ذلك، ونحوه يأتي في الحرب أيضا، ودعوى التلازم بين رفع المانعية هنا وبين تحقق الشرطية التي هي مطلق التستر يمكن منعها، لظهور قوله (عليه السلام) في التوقع (2): " لا تجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته فطن أو كتان " وغيره في خلافه بعد حمل ذلك فيه على المثال لكل ما تجوز الصلاة فيه، ولو سلم في المقام أمكن منعه في غيره من محال الضرورة كالمأكولية ونحوها، فتأمل جيدا فإن المسألة عامة نافعة.
وليس من الضرورة عدم الساتر غيره بلا خلاف أجده فيه، بل في الذكرى وغيرها