تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٤٦٨
وقال الحافظ أبو نعيم فيما أخبرنا أحمد بن أبي الخير عن أبي المكارم اللبان إذنا عن أبي علي الحداد، عنه: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن محمد بن عمر، حدثني نصر بن خزيمة، قال: ذكر ابن مجمع بن مسلم، قال: كان لنا جار قتل بقزوين، فلما كان الليلة التي مات فيها أحمد بن حنبل خرج إلينا أخوه في صبيحتها، فقال: إني رأيت رؤيا عجيبة، رأيت أخي الليلة في أحسن صورة راكبا على فرس، فقلت له: يا أخي أليس قد قتلت؟ فما جاء بك؟ قال إن الله عز وجل أمر الشهداء، وأهل السماوات أن يحضروا جنازة أحمد بن حنبل، وكنت فيمن أمر بالحضور، فأرخنا تلك الليلة، فإذا أحمد بن حنبل مات فيها.
وقال عبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي: حدثني أبو بكر محمد ابن عباس المكي، قال: سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل قال:
أسلم يوم مات أحمد بن حنبل عشرون ألفا (1) من اليهود والنصاري والمجوس.
قال: وسمعت الوركاني يقول يوم مات أحمد بن حنبل: وقع المأتم والنوح في أربعة أصناف من الناس: المسلمين، واليهود والنصارى، والمجوس (2).

(١) قال الذهبي في " تاريخ الاسلام ": وفي لفظ عن ابن أبي حاتم: عشرة آلاف.
(٢) قال الامام الذهبي في " تاريخ الاسلام ": " وهي حكاية منكرة، لا أعلم رواها أحد إلا هذا الوركاني، ولا عنه إلا محمد بن العباس، تفرد بها ابن أبي حاتم. والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث في بغداد، ولا ينقله جماعة تنعقد هممهم ودواعيهم على نقل ما هو دون ذلك بكثير. وكيف يقع مثل هذا الامر الكبير ولا يذكره المروذي، ولا صالح بن أحمد، ولا عبد الله بن أحمد، ولا حنبل الذين حكوا من أخبار أبي عبد الله جزئيات كثيرة لا حاجة إلى ذكرها، فوالله لو أسلم يوم موته عشرة أنفس، لكان عظيما، ولكان ينبغي أن يرويه نحو من عشرة أنفس.
ثم انكشف لي كذب الحكاية بأن أبا زرعة قال: كان الوركاني يعني محمد بن جعفر جار أحمد بن حنبل، وكان يرضاه وقال ابن سعدو عبد الله بن أحمد وموسى بن هارون: مات الوركاني في رمضان سنة ثمان وعشرين ومئتين، فظهر لك بهذا أنه مات قبل أحمد بدهر فكيف يحكي يوم جنازة أحمد رحمه الله (ص: ٨١ ٨٢).
قال بشار بن عواد: لا أدري كيف جاز هذا الامر على الامام المزي، وقد ذكر هو الوركاني وترجم له في كتابه هذا وذكر أنه توفي سنة ٢٢٨، وترجم له الخطيب في تاريخ بغداد: ٢ / 116 والسمعاني في (الوركاني) من " الأنساب "، وياقوت في (وركان) من معجم البلدان وغيرهم. وهذا الوركاني ثقة، وثقة غير واحد من جهابذة الفن، ولما كانت وفاته متقدمة فالخبر موضوع عليه لا علاقة له به. وابن أبي حاتم لم يورد الخبر في " الجرح والتعديل "، ولا وجدته في الكتب الأولى، ولكن أورده الخطيب بسنده فقال: " أخبرنا البرمكي والأزجي، قالا:
أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عبد الرحمان بن أبي حاتم.. " " تاريخ بغداد ": 4 / 423 والظاهر أن المزي نقله من الخطيب، والعجيب أن الخطيب لم يقل شيئا فيه.
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»