الجهات على خط مستقيم؟ يحتمل ذلك، لأنه المفهوم منه، ويحتمل إجزاء أربع كيف اتفق، لأن الغرض إصابة جهة القبلة لا عينها وهو حاصل، نعم يشترط التباعد في الجهات بحيث لا يكون بين الجهة الثانية والأولى ما يعد قبلة واحدة لقلته، وكأنه مال إليه في كشف اللثام، قال: وهل يشترط تقابل الجهات؟ وجهان، من اطلاق النص والفتاوى وأصل البراءة، ومن الاحتياط والتبادر، وهو خيرة المقنعة والسرائر وجمل العلم والعمل، نعم يشترط كما في البيان أن لا يعد ما إليه جهتان أو أزيد قبلة واحدة لقلة الانحراف، وإلا لم يفد التعدد، قلت: يمكن إرادة معتبر التقابل الكيفية المحصلة لليقين بحصول الجهة المجزية في هذا الحال، فيكون النزاع حينئذ لفظيا، إذ احتمال وجوب المقابلة المزبورة وإن لم يتوقف عليها حصول اليقين المزبور بعيد، وإن أمكن أن يكون وجهه انسياقه إلى الذهن من النص والفتوى والاقتصار على المتيقن اغتفاره من الانحراف، كاحتمال الاكتفاء بالأربع كيفما اتفق، مع أنك قد عرفت التصريح من البيان بخلافه، فلا يتوجه حينئذ عليه ما عن المقاصد العلية وروض الجنان من منع إصابة الجهة بالصلاة إلى أربع كيف اتفق، وعدم امكان رفع احتمال كون القبلة المطلوبة بين جهتين، لأن القبلة لا تنحصر في الأربع عندنا ولا في عشر، وإنما اكتفى الشارع بالأربع لا لاستلزامه إصابة العين أو الجهة، بل لما ذكرناه من أنها إذا وقعت على الاستقامة استلزمت إما الإصابة أو الانحراف إلى ما لا يبلغ حد اليمين أو اليسار، وإنما يتوجه ما ذكر في البيان على مذهب بعض العامة حيث جعل المشرق قبلة أهل المغرب وإن صلوا إلى منتهى خطه، وبالعكس كذلك، وكذلك القول في الجنوب والشمال، فالجهة عندهم منحصرة في الأربع جهات، قلت: مراد الشهيد بالجهة هنا ما يدخل فيها الانحراف دون اليمين واليسار لا الجهة الاختيارية قطعا، كما هو صريح كلامه عند التأمل، نعم لم يعتبر التقابل في تحصيل اليقين بالجهة المزبورة، لحصوله بغيره كما هو واضح، فتأمل جيدا.
(٤١٥)