أسد الغابة - ابن الأثير - ج ٤ - الصفحة ٢٦١
* ذهب الذين يعاش في أكنافهم * * وبقيت في خلف كجلد الأجرب * فقالت رحم الله لبيدا كيف لو أدرك زماننا هذا وهو حديث مسلسل لولا التطويل لذكرناه وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد * ألا كل شئ ما خلا الله باطل * ولما أسلم لبيد ترك قول الشعر فلم يقل غير بيت واحد وهو قوله * ما عاتب المرء الكريم كنفسه * * والمرء يصلحه القرين الصالح * وقيل بل قال * الحمد لله إذ لم يأتني أجلي * * حتى اكتسيت من الاسلام سربالا * وقيل إن هذا البيت لغيره وقد ذكرناه وقيل بل قال * وكل امرئ يوما سيعلم سعيه * * إذا كشفت عند الاله المحاصد * وقال أكثر أهل الأخبار لم يقل شعرا منذ أسلم وكان شريفا في الجاهلية والاسلام وكان قد نذر أن لا تهب الصبا الا نحر وأطعم ثم انه نزل الكوفة وكان المغيرة بن شعبة إذا هبت الصبا يقول أعينوا أبا عقيل على مروءته قيل هبت الصبا يوما وهو بالكوفة ولبيد مقتر مملق فعلم بذلك الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان أميرا عليها فخطب الناس وقال إنكم قد عرفتم نذر أبي عقيل وما وكد على نفسه فأعينوا أخاكم ثم نزل فبعث إليه بمائة ناقة وبعث الناس إليه فقضى نذره وكتب إليه الوليد * أرى الجزار يشحذ شفرتيه * * إذا هبت رياح أبي عقيل * * أغر الوجه أبيض عامري * * طويل الباع كالسيف الصقيل * * وفي ابن الجعفري بحلفتيه * * على العلات والمال القليل * * بنحر الكوم إذ سحبت عليه * * ذيول صبا تجاوب بالأصيل * فلما أتاه الشعر قال لابنته أجيبيه فقد رأيتيني وما أعيا بجواب شاعر فقالت * إذا هبت رياح أبي عقيل * * دعونا عند هبتها الوليدا * * أشم الانف أصيد عبشميا * * أعان على مروءته لبيدا * * بأمثال الهضاب كان ركبا * * عليها من بني حام قعودا * * أبا وهب جزاك الله خيرا * * نحرناها وأطعمنا الثريدا * * فعد ان الكريم له معاد * * وظني يا ابن أروى ان تعودا * ثم عرضت الشعر على أبيها فقال قد أحسنت لولا انك استزدتيه فقالت والله
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»