عز من قائل في الثانية (1): " وإن كنتم مرضى أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا، فامسحوا " إلى آخرها، وكذا في الأولى (2) وإن اختلفا بالنظر إلى ما تقدم ذلك.
وقد سبق لنا كلام طريف في هذه الآية الشريفة في أول الكتاب عند البحث عن وجوب الغسل لنفسه أو لغيره يندفع بملاحظته ما أورد على ظاهرها من الاشكالات، التي منها اشتهر من جمع الله عز وجل الأمور الأربعة بشرط رتب عليه جزاء واحدا، أعني الأمر بالتيمم، مع أن سببية الأولين للترخص للتيمم. والأخيرين لوجوب الطهارة عاطفا لها بأو المقتضية لاستقلال كل واحد منهما بترتب الجزاء، مع أنه إن لم يجتمع أحد الأخيرين مع واحد من الأولين مثلا لم يحصل وجوب التيمم الذي هو الجزاء، من غير حاجة إلى جعل " أو " فيها بمعنى الواو.
ولا إلى ما ذكره البيضاوي من أن وجه هذا التقسيم هو أن المترخص بالتيمم إما محدث أو جنب، والحال المقتضية له غالبا إما مرض أو سفر، والجنب لما سبق ذكره اقتصر على بيان حاله، والحدث لما لم يجر له ذكر ذكر من أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب وبيان العذر مجملا، فكأنه قال: وإن كنتم جنبا أو مرضى أو على سفر، أو محدثين جشم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء، مع أنه لا يوافق ما ثبت عندنا من أن المراد بالملامسة الجماع.
ولا إلى ما في الكشاف من أنه أراد سبحانه أن يرخص للذين وجب عليهم التطهر وهم عادمون الماء في التيمم بالتراب، فخص أولا من بينهم مرضاهم وسفرهم، لأنهم المتقدمون في استحقاق بيان الرخصة لهم، لكثرة السفر والمرضى وغلبتهما على