ودعوى أن مشروعيته في هذا الحال لا للبدلية عن الوضوء أو الغسل بل لنفسه كوضوء الجنب أو الحائض - ولذا صرح في التذكرة وكشف اللثام ومجمع البرهان بعدم جواز دخوله بمشروط بالطهارة غيرها وإن تعذر الماء، كما أنه قد يقتضيه ما في المعتبر أيضا، بل علله في الثاني بأنه ليس تيمما يرفع الحدث أو حكمه، قلت: ولعله لثبوت شرعيته مع وجود الماء، أو لعدم شرطية صلاة الجنازة بالطهارة حتى يكون بدلا عنها - ممنوعة على مدعيها. لاقتضاء الأدلة خلافها كما عرفت من غير معارض، والتعليل السابق مصادرة، كما أن ثبوت شرعيته مع وجود الماء لا يستلزم عدم مشروعية بدليته عن الطهارة مع فقده، وإن سلمنا عدم بدليته عنها مع الوجود، وكذا عدم شرطية الطهارة لصحة الصلاة بعد اشتراط كمالها بها، لثبوت قيام التيمم مقامها فيهما معا.
ولعل من صرح بعدم جواز الدخول به في مشروط بالطهارة ممن عرفت لم يرد ما نحن فيه، بل مراده التيمم لها مع وجود الماء، لما ستسمع من ثبوت شرعيته وإن وجد، فإنه قد يتجه حينئذ ما ذكروه من عدم الجواز المذكور لظهور كون التيمم فيه مستحبا لنفسه لا بدليا، إذ الفرض التمكن من المبدل، فلا يستباح به حينئذ مشروط بالطهارة وإن تعذر الماء بعد ذلك، بل وإن قلنا ببدليته عن الطهارة في هذا الحال أيضا بدعوى عدم اشتراطه في خصوص الجنازة للدليل بفقد الماء، كما عساه يومي إليه كلام من منع مشروعيته مستدلا بما دل على اشتراط التيمم بتعذر الماء على ما ستسمع، إذ من المعلوم أن المشترط بذلك إنما هو الذي بدل عن الطهارة المائية لا مطلق التيمم، لكن ومع ذلك لا يستباح به ما اشترط بدليته عن الطهارة بفقده من الغايات كالصلاة ونحوها.
أو مراده إثبات جهتين لاستحباب هذا التيمم لصلاة الجنازة حال فقد الماء، إحداهما عموم البدلية لثبوت مسوغها، والأخرى استحبابه في نفسه لا للبدلية كاستحبابه مع وجود الماء، فمن تيمم لها بقصد الجهة الأولى صح دخوله به في غيرها من الغايات مع