جواهر الكلام - الشيخ الجواهري - ج ١ - الصفحة ١٨٢
سالما، ويكفي في تحقق الكر وجود أحدهما. وبعبارة أخرى هنا كران وزني ومساحي فلا ينافي نقصان أحدهما عن الآخر إذ ما نقص في الوزن وبلغ في المساحة كر مساحي لا وزني وبالعكس، فإن أحدهما غير الآخر، فليس الزيادة محمولة على الاستحباب.
لكن قد يشكل بأنه لا داعي إلى هذا التقدير المختلف بعد علمه بنقص الوزن عن المساحة دائما مع القدرة على ضابط بغير ذلك منطبق عليه. ويدفع أولا بأن دعوى علم النبي والأئمة (عليهم السلام) بذلك ممنوعة، ولا غضاضة لأن علمهم (عليهم السلام) ليس كعلم الخالق عز وجل فقد يكون قدروه بأذهانهم الشريفة وأجرى الله الحكم عليه (1)

(١) كتب الحجة المحقق السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم في مقدمة كتابه (مقتل الحسين عليه السلام) فصلا ضافيا عن سعة علم الإمام المنصوب من المولى سبحانه علما للعباد وعن إقدام الأئمة (عليهم السلام) على ما فيه الهلكة. قال لقد دلت الآثار المتواترة معنى على أن الله تعالى منح الإمام الحجة الذي أقامه منارا يهتدى به إلى السبيل بعد انقضاء أمد الرسالة قوة قدسية عبر عنها في الحديث (بعمود نور) يستعلم به الإمام ما يقع في الكون من حوادث وملاحم وما تكنه جوانح البشر من خير وشر حتى كأن الأشياء كلها حاضرة لديه على حد تعبير أبي عبد الله (عليه السلام) كما في مختصر البصائر ص ١٠١ إقدارا من لدن حكيم عليم تعالى شأنه.
ولا غلو فيه كما يتوهمه من لا فقه له بأسرار الأحاديث الواردة عنهم (عليهم السلام) ولم يبصر ما تحلت به هذه الشخصيات المتحدة مع الحقيقة (الأحمدية) المتكونة من الشعاع الأقدس تعالت نورانيته، فإن المغالاة في شخص عبارة عن إثبات صفة له إما أن يحيلها العقل أو لعدم القابلية لها، والعقل لا يمنع الكرم الإلهي، وهذه الذوات المطهرة بنص الذكر المجيد (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قابلة لتحمل الفيض الأقدس بتمام معانيه والشح منزه عنه (المبدأ الأعلى) جلت عظمته فالتقى مبدأ فياض وذوات قابلة للإفاضة، إذن لا بدع في كل ما ورد في حقهم (عليهم السلام) من العلم بالمغيبات والوقوف على أعمال العباد وما يحدث في البلدان من خير وشر منحة من مفيض النعم عز شأنه على من (فتح بهم الوجود وبهم يختم) اللهم إلا أشياء استأثر بها وحده سبحانه فالغيب المدعى فيهم غير المختص بالباري تعالى، فإنه فيه ذاتي وفي النبي والأئمة من أبنائه مجعول من الله تعالى، فبواسطة فيضه ولطفه كانوا يتمكنون من استعلام خواص الطبائع والحوادث وما كان ويكون وهو كائن.
ويشهد له أن أبا جعفر الجواد عليه السلام لما أخبر أم الفضل بنت المأمون حينما أدخلت عليه بما فاجأها مما يعتري النساء عند العادة قالت له لا يعلم الغيب إلا الله تعالى، فقال عليه السلام وأنا أعلمه من علم الله تعالى.
فالأئمة عليهم السلام محتاجون في جميع الآنات إلى الفضل الإلهي بتمكينهم من الوقوف على ما كان ويكون بحيث لولا دوام الاتصال وتتابع الفيوضات لنفد ما عندهم كما نص عليه أبو عبد الله عليه السلام، فإنه قال لولا إنا نزداد في كل ليلة جمعة لنفد ما عندنا، ومراده عليه السلام التعريف بأن علمهم مجعول من الباري تعالى وأنهم في حاجة إلى هذه المنحة المباركة، والتخصيص بليلة الجمعة من جهة بركتها بنزول الألطاف الرحمانية فيها من أول الليل على العكس من سائر الليالي، وإلى هذا يرجع قول أبي الحسن الرضا عليه السلام يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم.
وهل يشك من يقرأ في سورة الجن الآية ٢٦ (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) إن من كان من ربه تعالى قاب قوسين أو أدنى هو الرسول المرتضى حيث لم يفضله أحد من الخلق مهما ترقى إلى مستوى الفضائل واستقى من منبع الوحي، وفي ذلك يقول أبو جعفر عليه السلام كان والله محمد (ص) ممن ارتضاه الله تعالى.
ولم يبعد الله سبحانه الخلفاء من آل الرسول عن هذه المنزلة بعد اشتقاقهم من النور المحمدي، وحازوا جميع ما حبا الله به جدهم الأعظم من المآثر التي لا يدانيها أحد إلا النبوة والأزواج على حد تعبير أبي عبد الله الصادق كما في المحتضر ص ٢٠.
ولما نفى عمرو بن هداب عن الأئمة عليهم السلام علم الغيب استنادا إلى ظاهر هذه الآية قال له أبو الحسن الرضا عليه السلام أن رسول الله هو المرتضى عند الله تعالى ونحن ورثة ذلك الرسول الذي اطلعه الله على الغيب فعلمنا ما كان ويكون إلى يوم القيامة.
ومن لم يفقه المراد من علم الغيب المدعى لهذه الشخصيات نخب العوالم وسر الكائنات ولا أدرك كنههم تأخذه الحيرة في الايمان بسعة العلم لهم فيتسارع إلى إنكار ما حباهم المولى سبحانه به، وإذا كان سليمان يفقه منطق الطير وكلام النملة إقدارا له من المهيمن تعالى شأنه وتمكينا له على ذلك فلا يفوت هذا العلم عمن حاز أرقي صفات الجلال والجمال وتخطى إلى أعلى مستوى الفضائل.
وإنكار الصادق عليه السلام اطلاعه على هذا العلم مدعيا بأنه لما هم بضرب جاريته وهربت منه لم يعلم بها في أي بيوت الدار - لا يكون حجة للمنكرين بعد جهالة رواة الحديث كما في مرآة العقول، وحضور المجلس من لا قابلية له على تحمل غامض علمهم كداود الرقي ويحيى البزار، فيكون غرضه من النفي تثبيت عقيدتهم وعدم تزلزلهم، ويؤيده أن سدير الراوي لهذا الحديث دخل عليه في وقت آخر وذكر له استغراب ما سمعه منه من نفى العلم بالغيب فطمنه أبو عبد الله عليه السلام بأنه يعلم ما هو أرقي منه وهو العلم بالكتاب كله، وما حواه من فنون المعارف وأسرار الكائنات.
مع أنه يحتمل أن يريد من نفي العلم بمكان الجارية (الرؤية بالبصر) فقوله عليه السلام (ما علمت) أي ما رأيتها بعيني في أي بيت دخلت والتورية في كلامهم جارية لمصالح يعرفونها. وإلا فمن يقول في صفة علمه لم يفتني ما سبقني ولم يعزب عنى ما غاب عنى لا يخفى عليه أمر الجارية.
كما أن ما ورد عنهم عليهم السلام من أن الإمام عليه السلام إذا أراد أن يعلم شيئا أعلمه الله لا دلالة فيه على تحديد علمهم بوقت خاص، بل الحديث يدل على أن إعمال تلك
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الطهارة 3
2 الواجب من الوضوء 8
3 إن الوضوء واجب غيري 8
4 المندوب من الوضوء 12
5 ما يستحب الوضوء منه 22
6 جواز الوضوء لغايات متعددة 26
7 بيان الأقوال في الوضوء المستحب الذي لم يجامع الحدث الأكبر 27
8 الواجب من الغسل 29
9 بيان وجوب غسل المس 31
10 وجوب غسل الجنابة للصوم قبل طلوع الفجر بمقدار ما يغتسل الجنب 34
11 في وجوب غسل غير الجنابة للصوم قبل طلوع الفجر وعدمه 35
12 اختصاص وجوب الغسل للصوم في آخر الوقت وعدمه 37
13 عدم اختصاص مقدمة الواجب بما بعد الوقت 39
14 وجوب الغسل لصوم المستحاضة 45
15 ان الغسل واجب غيري 46
16 الواجب من التيمم 55
17 وجوب التيمم للجنب في أحد المسجدين ليخرج به 56
18 وجوب الطهارة بالنذر وشبهه 58
19 الماء المطلق 61
20 إن ماء المطلق طاهر مطهر 62
21 معنى الطهور 62
22 أقسام المياه 71
23 الماء الجاري 72
24 نجاسة ماء الجاري بالتغير 75
25 اشتراط أن يكون التغير بأحد أو صاف النجاسة 77
26 اشتراط أن يكون التغير حسيا لا تقديريا 77
27 عدم نجاسة الجاري لو تغير بأحد أو صاف المتنجس 83
28 عدم نجاسة ماء الجاري 85
29 اشتراط دوام النبع في الجاري وعدم اشتراط الكرية فيه 87
30 كيفية تطهر المتغير 90
31 ماء الحمام 93
32 نجاسة ماء القليل 105
33 طهارة ماء القليل 116
34 الجواب عن الأدلة الدالة على طهارة ماء القليل 123
35 التفصيل بين الوارد والمورود 131
36 كيفية تطهر ماء القليل 134
37 كيفية سراية النجاسة 134
38 اشتراط الالقاء لتطهر ماء القليل وعدمه 136
39 اشتراط الكرية والدفعة لتطهر ماء القليل وعدمه 140
40 اعتبار الامتزاج 143
41 عدم تطهر ماء القليل باتمامه كرا 150
42 عدم نجاسة الكر 153
43 اعتبار تساوي السطوح وعدمه 154
44 عدم تطهر الكر بمجرد زوال التغيير 165
45 بيان مقدار الكر بحسب الوزن 168
46 تقدير الكر بحسب المساحة 172
47 بيان مقدار الكر وزنا ومساحة 181
48 عدم نجاسة الكر مطلقا 185
49 تعريف ماء البئر 188
50 تنجس ماء البئر 191
51 عدم تنجس ماء البئر 193
52 ان النزح واجب تعبدي أو مستحب 203
53 طريق تطهير ماء البئر 206
54 تطهر ماء البئر بنزح جميعه إذا وقع فيها مسكر 208
55 نزح الجميع إذا وقع في البئر مني أو أحد الدماء الثلاثة 211
56 نزح الجميع إذا مات في البئر بعير 212
57 في التراوح 214
58 نزح كر إن مات في البئر دابة أو حمار أو بقرة 219
59 نزح السبعين لموت الانسان 226
60 نزح الخمسين لوقوع العذرة 230
61 نزح الخمسين لكثير الدم 231
62 نزح الأربعين إن مات في البئر ثعلب أو أرنب أو خنزير أو سنور أو كلب وشبهه 233
63 نزح الأربعين لبول الرجل 237
64 نزح العشرة للعذرة الجامدة 239
65 نزح العشرة لقليل الدم 239
66 نزح السبع لموت الطير 244
67 نزح السبع لتفسخ الفأرة 246
68 نزح السبع لانتفاخ الفأرة 248
69 نزح السبع لبول الصبي 248
70 نزح السبع لاغتسال الجنب 250
71 نزح السبع لوقوع الكلب وخروجه حيا 254
72 نزح الخمس لذرق الدجاجة الجلال 255
73 نزح الثلاث لموت الحية 256
74 نزح الثلاث لموت الفأرة 257
75 نزح دلو لموت العصفور وشبهه 257
76 نزح دلو لبول الصبي الذي لم يتغذ بالطعام 258
77 نزح الثلاثين لماء المطر الذي فيه البول والعذرة وخرء الكلاب 258
78 في المراد بالدلو التي ينزح بها 259
79 اختلاف أنواع النجاسة موجب لتضاعف النزح 260
80 تضاعف النزح مع التماثل 262
81 عدم تضاعف النزح إذا كان الواقع المتعدد بعضا من جملة لها مقدر 263
82 نزح الجميع إن لم يقدر للنجاسة منزوح 264
83 نزح الجميع إذا تغير ماء البئر بالنجاسة 268
84 وجوب النزح حتى يزول التغيير 270
85 تطهر آلات النزح تبعا 277
86 وجوب اخراج عين النجاسة أولا ثم الاشتغال بالنزح 277
87 عدم العبرة بما يتساقط من الدلو حال النزح 279
88 مقدار الفاصلة بين البئر والبالوعة 280
89 عدم نجاسة ماء البئر بمجرد قرب البالوعة 288
90 عدم جواز استعمال ماء النجس في الطهارة 289
91 وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة 290
92 فروع الشبهة المحصورة 305
93 تعريف ماء المضاف 308
94 ماء المضاف طاهر لكن لا يزيل حدثا 311
95 ماء المضاف لا يزيل خبثا 315
96 نجاسة ماء المضاف بملاقاة النجاسة وعدم جواز استعماله في أكل ولا شرب 322
97 كيفية تطهر ماء المضاف 323
98 كراهة الطهارة بماء أسخن بالشمس 330
99 كراهة تغسيل الأموات بماء أسخن بالنار 333
100 نجاسة الغسالة 336
101 بيان الأقوال في حكم الغسالة 337
102 حكم ماء الاستنجاء 353
103 نجاسة ماء الاستنجاء إذا تغير بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة من خارج 357
104 ماء المستعمل في الوضوء طاهر ومطهر 358
105 المستعمل في رفع الحدث طاهر 359
106 المستعمل في رفع الحدث الأكبر هل يرفع الحدث به ثانيا أم لا 361
107 تعريف السؤر 365
108 طهارة الأسئار عدا سؤر نجس العين 368
109 كراهة سؤر الجلال 371
110 كراهة سؤر آكل الجيف 371
111 نجاسة سؤر آكل الجيف إذا كان في موضع الملاقاة عين النجاسة 373
112 كراهة سؤر الحائض الغير المأمونة 377
113 كراهة سؤر البغال والحمير 381
114 كراهة سؤر الفأرة 383
115 كراهة سؤر الحية 385
116 كراهة سؤر ما مات فيه الوزغ والعقرب 386
117 نجاسة الماء بموت الحيوان 388
118 نجاسة الماء إذا لا قاه الدم الذي لا يدركه الطرف 389
119 الاحداث الموجبة للوضوء 390
120 الغائط والبول والريح ناقض للوضوء 393
121 الغائط والبول والريح ناقض لو خرج مما دون المعدة وصار معتادا 396
122 النوم ناقض للوضوء 402
123 الجنون والاغماء والسكر ناقض للوضوء 408
124 الاستحاضة القليلة موجبة للوضوء 410
125 عدم ناقضية المذي 411
126 عدم ناقضية الودي والوذي 414
127 عدم ناقضية الدم ولو خرج من أحد السبيلين عدا الدماء الثلاثة 416
128 عدم ناقضية القئ والنخامة وتقليم الظفر وحلق الشعر 417
129 عدم ناقضية مس الذكر والدبر والقبل 417
130 عدم ناقضية لمس امرأة ولا أكل ما مسته النار 419
131 عدم ناقضية ما يخرج من السبيلين إلا أن يخالطه شئ من النواقض 419
132 عدم ناقضية الارتداد 420