زفر قولا إلا أفسده أبو يوسف إلى وقت الظهر، فلما أذن المؤذن رفع أبو حنيفة يده فضرب بها على فخذ زفر وقال: لا يطمع في رياسة ببلدة فيها أبو يوسف. قال:
وقضى لأبي يوسف على زفر.
حدثنا أحمد بن علي البادا، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا سليمان بن الربيع قال: سمعت الفضل بن مقاتل الخراساني ذكر عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال: سمعت محمد بن عمارة يقول: رأيت أبا يوسف وزفر يوما افتتحا مسألة عند أبي حنيفة من حين طلعت الشمس إلى أن نودي بالظهر، فإذا قضى لأحدهما على الآخر قال له الآخر أخطأت ما حجتك؟ فيخبره حتى كان آخر ذلك أن قضى لأبي يوسف على زفر حين نودي بالظهر. فقام أبو يوسف، قال: فضرب أبو حنيفة على فخذ زفر وقال: لا تطعمن في الرياسة بأرض يكون هذا بها.
أخبرني الخلال، أخبرنا الحريري علي بن عمرو أن علي بن محمد النخعي حدثهم قال: حدثنا نجيح - يعني ابن إبراهيم - حدثنا ابن كرامة قال: كنا عند وكيع يوما فقال رجل: أخطأ أبو حنيفة، فقال وكيع: كيف يقدر أبو حنيفة يخطئ ومعه مثل أبي يوسف وزفر في قياسهما، ومثل يحيى بن أبي زائدة، وحفص بن غياث، وحبان، ومندل في حفظهم الحديث، والقاسم بن معن في معرفته باللغة والعربية، وداود الطائي، وفضيل بن عياض في زهدهما وورعهما؟ من كان هؤلاء جلساؤه لم يكد يخطئ لأنه إن أخطأ ردوه.
وقال النخعي: حدثنا عبد الله بن محمد بن بهلول، حدثنا القاسم بن محمد البجلي قال: سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول: قال أبو حنيفة يوما:
أصحابنا هؤلاء ستة وثلاثون رجلا، منهم ثمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتوى، ومنهم اثنان يصلحان يؤدبان القضاة وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن الجهم قال: قال إبراهيم بن عمر بن حماد بن أبي حنيفة: كان أبو حنيفة حسن الفراسة، فقال لداود الطائي: أنت رجل تتخلى للعبادة.
وقال لأبي يوسف تميل إلى الدنيا. وقال لزفر وغيره كلاما فكان كما قال. وقال ابن