حسبي سموا في الهوى أن تعلما * أن ليس حق مودتي أن أظلما ثم امض في ظلمي على علم به * لا مقصرا عنه ولا متلوما فوحق ما أخذ الهوى من مقلتي * وأذاب من جسمي عليك وأسقما لجفاك - عن علم - بما ألقي به * أحظى لدي من الرضى متهجما حدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري. قال: صار التدريس ببغداد بعد أبي حازم [عبد الحميد] القاضي، وأبي سعيد البرذعي، إلى أبي الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي، وإليه انتهت رياسة أصحاب أبي حنيفة، وانتشر أصحابه في البلاد وكان أبو الحسن مع غزارة علمه وكثرة روايته، عظيم العبادة، كثير الصلاة والصوم صبورا على الفقر والحاجة، عزوفا عما في أيدي الناس.
وقال الصيمري: حدثني أبو القاسم علي بن محمد بن علان الواسطي. قال: لما أصاب أبو الحسن الكرخي الفالج في آخر عمره، حضرته وحضر أصحابه، أبو بكر الدامغاني، وأبو علي الشاشي وأبو عبد الله البصري - فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج، وهو مقل ولا نحب أن نبذله للناس، فيجب أن نكتب إلى سيف الدولة ونطلب منه ما ينفق عليه، ففعلوا ذلك وأحسن أبو الحسن بما هم فيه، فسأل عن ذلك فأخبر به فبكى وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني، فمات قبل أن يحمل سيف الدولة إليه شيئا، ثم ورد كتاب سيف الدولة ومعه عشرة آلاف درهم، ووعد أن يمد بأمثاله فتصدق به عنه.
حدثني الأزهري، عن أبي الحسن محمد بن العباس بن الفرات. قال: توفي أبو الحسن الكرخي - كرخ جدان المنفقة لأهل العراق - لعشر خلون من شعبان سنة أربعين وثلاثمائة. قال: وكان مبتدعا رأسا في الاعتزال، مهجورا على قديم الزمان.
قال لي الصيمري: توفي أبو الحسن الكرخي ليلة النصف من شعبان سنة أربعين وثلاثمائة. وقيل: إن مولده سنة ستين ومائتين، وصلى عليه القاضي أبو تمام الحسن بن محمد الهاشمي الزينبي - وكان من أصحابه - ودفن بحذاء مسجده في درب أبي زيد على نهر الواسطيين.