فأهل البدع والأهواء - * (.... وأما الذين ابيضت وجوههم....) * [آل عمران 106، 107] فأهل السنة والجماعة.
حدثني الحسن بن أبي طالب حدثنا أحمد بن محمد بن عمران حدثني الغمر بن محمد حدثنا أبو بكر الحسن بن علي بن بشار العلاف الشاعر بمجلس أبي الحسن الأخفش. قال: صك لي على علي بن يحيى برزق، فأعطاني دنانير وأمر ألا أحتسب بها عليه، فكتبت إليه بهذه الأبيات، وذكر أن أبا هفان كتبها بيده:
- أبا حسن لما سبقت إلى العلى * تفردت فيها بالفضيلة في السبق - - فصيرت لي حقا بفضلك واجبا * وأعطيتني شيئا سوى ذلك الحق - - فقدت بها قلبي إليك وإن تسل * خبيرا به يخبرك صدقك عن صدقي - - ملكت قيادي يا ابن يحيى بنعمة * فإن زدتني أخرى ملكت بها رقي - - فمن أين لي في الخلق مثلك سيد * إذا كان لم يسمع بمثلك في الخلق - - وقد سار شعري فيك غربا ومشرقا * كجودك لما سار في الغرب والشرق - - فإن قابلوا شعري بجودك سائرا * فما بين أشعاري وجودك من فرق - - فليتك - إذا خلدت حمدك - باقيا * على غابر الأيام تبقى كما تبقى - أخبرنا علي بن أبي علي المعدل حدثني أبي قال حدثني عبد العزيز بن أبي بكر الحسن العلاف الشاعر - وكان أحد ندماء المعتضد - قال: حدثني أبي قال: كنت ذات يوم في دار المعتضد وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجالسنا في حجرة كانت موسومة بالندماء، فلما أخذنا مضاجعنا، وهدأت العيون، أحسسنا بفتح الأبواب، وتفتيح الأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك، وجلسنا في فرشنا، فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد فقال: إن أمير المؤمنين يقول لكم أرقت الليلة بعد انصرافكم فعملت:
- ولما انتهينا للخيال الذي سرى * إذا الدار قفر والمزار بعيد - وقد ارتج علي تمامه، فأجيزوه، ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت جائزته، وفى الجماعة كل شاعر مجيد مذكور، وأديب فاضل مشهور، فأفحمت الجماعة وأطالوا الفكر، فقلت مبتدرا لهم:
- فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي * لعل خيالا طارقا سيعود - فرجع الخادم إليه بهذا الجواب، ثم عاد إلي، فقال: أمير المؤمنين يقول لك أحسنت وما قصرت، وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده، وقد أمر لك بجائزة وها هي، فأخذتها، وازداد غيظ الجماعة منى.