بالله - يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس، فأتى بشيخ مخضوب مقيد. فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه يعنى ابن أبي دؤاد قال فأدخل الشيخ [والواثق] في مصلاه فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال له:
لا سلم الله عليك. فقال: يا أمير المؤمنين بئس ما أدبك مؤدبك. قال الله تعالى: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * [النساء 86]. والله ما حييتني بها ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، الرجل متكلم. فقال له: كلمه:
فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ: لم تنصفني - يعنى ولى السؤال - فقال له: سل فقال له الشيخ: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شئ علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى، والخلفاء الراشدون، أم شئ لم يعلموه؟ فقال: شئ لم يعلموه فقال: سبحان الله شئ لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا على ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟ قال فخجل فقال: أقلني والمسألة بحالها، قال نعم! قال: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق. فقال:
هذا شئ علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟ فقال: علموه، ولم يدعوا الناس إليه. قال: أفلا وسعك ما وسعهم؟ قال ثم قام أبي، فدخل مجلس الخلوة واستلقى على قفاه ووضع إحدى رجليه على الأخرى. وهو يقول: هذا شئ لم يعلمه النبي ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا على ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟ سبحان الله! شئ علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه؟ أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم دعا عمارا الحاجب فأمر أن يرفع عنه القيود ويعطيه أربعمائة دينار ويأذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد ولم يمتحن بعد ذلك أحدا.
أخبرنا على بن المحسن التنوخي حدثنا محمد بن عمران بن موسى حدثنا على بن سليمان الأخفش قال أنشدني أبو العباس ثعلب قال أنشدني أبو الحجاج الأعرابي:
نكست الدين يا بن أبي دؤاد * فأصبح من أطاعك في ارتداد زعمت كلام ربك كان خلقا * أما لك عند ربك من معاد؟
كلام الله أنزله بعلم * وأنزله على خير العباد ومن أمسى ببابك مستضيفا * كمن حل الفلاة بغير زاد لقد أظرفت يا بن أبي داود * بقولك أنني رجل أيادي