التاريخ الصغير - البخاري - ج ١ - الصفحة ١٣
الصواب؟ فإنه كان حافظا، بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة ".
وكان أبو عبد الله ينفق على الحديث ولا يتكسب به، ومتواضعا تواضع الأولياء، مترفعا ترفع الامراء، حييا شجاعا، بلغ من التقوى والورع ما بلغ، قيل الاكل جدا، كثير الاحسان مفرطا في الكرم، فقيها محدثا.
قال قتيبة بن سعيد، أحد شيوخه: " جالست الفقهاء والزهاد والعباد، فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة ": وقال أيضا: " لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة لكان آية ".
وكان الامام مع تفرغه لاشتغال بالحديث يرابط في الثغور، ويحرص كل الحرص أن يواصل التدريب على الرماية حتى أجادها وبلغ في ذلك الغاية، قال وراقة: " وكان يركب إلى الرمي كثير، فما أعلم أني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمة الهدف إلا مرتين، بل كان يصيب في كل ذلك ولا يسبق ".
وقد يظن ظان، أن البخاري، وقد توفر له المال، وصفاء الذهن، وتقدير الشيوخ، وتبجيل الرفقاء فضلا عن التلاميذ - قد عاش حياة سهلة ميسرة بعيد عن النداءات التي واجهت غيره، بعيد عن الصراعات التي انغمس فيها من آثروا القربى من السلطة والسلطان.
ولكن الشيخ واجه حسد الحاسدين، وحقد ضعاف النفوس في كل مكان ارتحل إليه، فضلا عن تلك الأحقاد التي تولدت في نفوس بعض الشيوخ تجاه كتب الرجال التي ألفها البخاري، ولم يقدر هؤلاء
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»