فمن أغرب الغرائب، إذ بعدما أتى بما تيقن فواته لم يبق شئ علم فواته أولا ونسيه بعد ذلك حتى يستصحب، وكيف يعلم الفائت أولا؟!.
وكذا ما ذكره أيضا من أن رد صاحب الذخيرة وبعض آخر دليل استصحاب الاشتغال هنا مبني على عدم حجية الاستصحاب عنده مع أنه يقول بحجيته فيما يتحقق فيه الاطلاق.
فإن ردهم ليس لذلك أصلا، بل لعدم كونه موضع. جريان الاستصحاب كما عرفت.
وكذا ما ذكره أيضا من أنهم يسلمون استدعاء الشغل اليقيني بأمر واقعي البراءة اليقينية مهما أمكن وإن وقع الاجمال وتعدد الاحتمال في ذلك الواقعي، فلم لا يقولون به هنا؟!.
وذلك لأنه إنما هو فيما إذا لم يعلم المكلف به اليقيني، أي كان ما علم التكليف به يقينا مجملا كالصلاة الواحدة الفائتة المترددة بين الخمس، فإنه لا صلاة هنا يحكم بالتكليف بها يقينا.
وما نحن فيه ليس كذلك، إذ ما علم التكليف به يقينا معلوم وهو الأقل، ولا إجمال فيه، والزائد لا علم به، فيجري فيه أصل البراءة الثابت بالشرع والعقل والاجماع.
وعدم التفرقة في جريان أصل الاشتغال بين هذه المسألة ومسألة الصلاة الواحدة المترددة - كما ذكره بعض الأجلة - ناشئ من عدم التأمل.
ثم إنا لو سلمنا جريان أصل الاشتغال والاستصحاب هنا فمقتضاهما وجوب تحصيل العلم، كما عن روض الجنان في بعض الصور (1)، وبعض آخر (2)، فالاكتفاء بالظن لا وجه له.
والقول بعدم إمكان تحصيل العلم فاسد جدا، إذ كيف لا يمكن مع أن مبدأ زمان التكليف معلوم، ومنتهاه - وهو زمان إرادة القضاء - أيضا كذلك،