الحاجة الماسة إليها في كل دور من أدوار الحوزة العلمية مفهومة واضحة، لا تخفى على أي أحد، بل حاجة المجتمع أمس كانت أشد وأكثر من اليوم، من ناحية كثرة تلامذة هذه المدرسة الكبرى، وضيق نطاق الطباعة والنشر يوم ذاك، وإن كان افتقار ناشئة اليوم أعظم وأكثر من نواحي كثيرة، نظرا إلى تطور العالم الحديث.
غير أن الأمور مرهونة بأوقاتها، ولله فيها تقادير، ولكل أمر كتاب، ولكل كتاب أجل، والله يختار لكل عمل فادح بار، وخير عظيم ناجع، أناسا من عباده الصالحين، ويمنح للمصطفين من خيرته ما شاء، ذلك تقدير العزيز العليم، فلما آن لهذه النفسية الكريمة أن تتبلج فتضئ العالم بأنوارها، فقيض المولى سبحانه لها فئة صالحة من المجتمع الديني، هم في الذروة والسنام، وحيث يتبوأ فيه المجد والشرف، من معاقد رجالات الأمة، يقدمهم الساعي وراء كل صالح ديني، والعاقد لواء التقدم في مناجح الطائفة، شيخنا المجاهد، العلامة الحجة، آية الله، الأميني النجفي، صاحب كتاب " الغدير " الأغر، المعروف بعلمه الجم، وفضله الكثار، وفكرته الناضجة، وهمته القعساء، ودعوته الإصلاحية، ويده الناصعة في الحجاج، وولائه الخاص للعترة الطاهرة.
فكأن هذه المنحة الكبيرة، والحركة العلمية المشكورة، كانت نصيب شيخنا الأوحد الأميني الأمين، وكان يستسهل هذه النهضة الباهظة، والعب ء الفادح، لم يك يستصعب أمرا كهذا، بل كان يستصغره من أول يومه بقوله: الله أقوى وأعظم، وكل شئ على الله سهل يسير، وكل صعب مستصعب دون ولاء سيدنا المفدى أمير المؤمنين (عليه السلام) أسهل ما يرام، وأيسر ما يتصور.
ولعمر الحق يستأهل حامل هذه الروح الطاهرة، والطوية الطيبة، والنية الصالحة والإيمان الصادق، والمتفاني في ولاء أهل البيت الطاهر، أن يأخذ المولى سبحانه بعضده - وقد فعل - ويسهل له المسير، ويعززه بنصره، والله من وراء القصد * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) *.
وكأن الأمة المسلمة كانت في انتظار هذه النهضة العلمية من هذا البطل