كل مسكر فكل مسكر حرام " فقلت له: فالظروف التي يصنع فيها منه، فقال:
" نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدبا (1)، والمزفت، والحنتم، والنقير " قلت: وما ذاك؟ قال: " الدبا: القرع، - والمزفت: الدنان، والحنتم:
جرار خضر، والنقير: خشب كانت الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها " (2).
والثالثة: رواية الجراح: " منع النقير ونبيذ الدبا " (3).
أقول: إن أراد عدم طهارة الباطن، فله وجه، وإن أراد مطلقا، فضعفه ظاهر، مستنده غير ناهض.
أما الأول: فلأنه لا يفيد إلا نجاسة الأعماق، وسريان النجاسة من الباطن إلى الظاهر باطل، وتنجس ما يجعل في الإناء من المائعات بملاقاتها لما في الباطن من النجاسة غير عدم تطهر الظاهر أولا، مع أنه ممنوع جدا، إذ ليس إلا بالسراية، فإنه يتصل المانع بالنجس بواسطة رطوبته النافذة، ولا نسلم التنجس بذلك.
وأما الروايات: فلعدم انحصار وجه النهي في نجاسة الظاهر، بل ولا الباطن، إذ من الجائز أن يكون لاحتمال بقاء شئ من أجزاء الخمر فيتصل بما فيه، فنهى عن ذلك تعبدا.
وأن يكون النهي متوجها إلى الانتباذ فيها، لاحتمال تحقق الاسكار به، لا لسراية النجاسة في أعماقها، كيف لا؟! ومن جملتها المزفت المفسر بالمقير والحنتم المفسر بالمدهن، ولا تجري فيهما السراية، وإن هما إلا كالأجسام الصلبة، الغير القابلة لنفوذ شئ، فيها، المتفق على قبولها التطهير مطلقا، فليس الخبران من فرض