ولا يخفى أنه لا تأمل في مدلول هذه الأخبار، لأنهم عليهم السلام إنما يجيبون على حسب ما رأوا من المصلحة، ولا دلالة فيه على أنه يجوز التكليف بما لا يطاق، والاغراء بالجهل، مع أن عدم جوازهما مجمع عليه عند جميع من له من العلم نصيب ثابت بعنوان اليقين من العقل والكتاب والاخبار والاجماع، فالسائلون لو كانوا مكلفين و مخاطبين بما سألوا فعدم الجواب حينئذ تكليف بما لا يطاق، وإغراء بالجهل البتة، وإلا فلا يكون وقت سؤالهم وقت الحاجة، لعدم الحاجة، ولعدم التكليف والخطاب.
ولا شبهة في أن مراد الفقهاء من الحاجة هي الحاجة الشرعية التي تكون من جهة الشرع، ولو عمت الحاجة بحيث تشمل العقلية التي هي بحسب اعتقاد السائل أيضا، فلا يضر، لان الشرعية - عند القائل بها - كاشفة عن العقل، فعدم جوابهم دليل على عدم العقلية أيضا.
وبالجملة عدم جوابهم دليل على عدم حاجتهم عند سؤالهم.