الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٦٣
نسأل الله السلامة من الخذلان.
- 2 - وحكى القرطبي (1) في (المفهم) عن بعض أهل الرأي: أن ما وافق القياس الجلي، جاز ان يعزى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) (2).
ثم المروي: تارة " يخترعه الواضع، وتارة " يأخذ كلام غيره، كبعض السلف الصالح، أو قدماء الحكماء أو الإسرائيليات، أو يأخذ حديثا " ضعيف الاسناد، فيركب له إسنادا " صحيحا " ليروج (3).

(1) أحمد بن عمر بن إبراهيم، أبو العباس الأنصاري القرطبي.، فقيه مالكي، من رجال الحديث، كان مدرسا " بالإسكندرية، وتوفي بها سنة 656 ه‍.، ومولده: بقرطبة سنة 578 ه‍.، من كتبه: (المفهم، في شرح صحيح مسلم في الحديث،..، ينظر: الاعلام: 1 / 179.
(2) عبارته هذه عن فقهاء الرأي: نقلها عنه السخاوي، في شرحه ألفية العراقي، في مصطلح الحديث:
ص 111.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله:
ويعبر عنه ب‍: (تركيب الأسانيد).، ومعرفته من أجل مباحث الحديث، وأغمضها: ولا يهتدي إليه، إلا العارف الخبير الذي له إطلاع عميق على متون الأحاديث وأسانيدها، وإلمام واسع بطبقات الرواة وأحوالهم.
فمثلا ": إذا كان لأحد المحدثين، طريق صحيح إلى (كتاب) حريز بن عبد الله - الذي يعتبر من الكتب المشهورة المعول عليها -، ثم وجد رواية عن حريز بسند ضعيف.، فعند ذلك يحذف السند، ويذكر الرواية مع طريقه إلى حريز، وبذلك تصبح الرواية صحيحة السند!!
ثم إنه توجد بعض الأحاديث في كتب المشائخ العظام، مما ظاهرها أنها من هذا القبيل - أي: مركبة الأسانيد - فيتوهم أنها موضوعة!.
ولكن الامر ليس كذلك.، إذ لعل الواقع كان كذلك.، بمعنى: أن الرواية كانت لها طرق عديدة بعضها ضعيف وبعضها صحيح.، فذكر الضعيف في بعض المصادر، والصحيح في بعضها الاخر.، وليس بمعنى ذلك أن الصحيح موضوع.
علما "، بأن الراوي للطريق الصحيح إن كان ثقة.، فوثاقته أقوى شاهد على ذلك.
نعم، لمثل هذه الأمور، يجدر بنا التثبت والتحقيق في (الموضوع)، وأن لا نحكم بشئ قبل المراجعة والتأمل.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»