كل شئ مشكوك طهارته بشبهة حكمية أو موضوعية - ولو في المشتبهات الدائمة الشبهة - طاهر، ولا محالة هي طهارة ظاهرية مدلولة لقاعدة الطهارة، فالصدر أو المغيى قد دل بالعموم والإطلاق على الطهارة الواقعية للأشياء والطهارة الظاهرية المستفادة من قاعدتها. ثم إذا لاحظنا الغاية والذيل - أعني قوله (عليه السلام): " حتى تعلم أنه قذر " فهي تدل على استمرار تلك الطهارة الواقعية في زمن الجهل والشك في بقائها، وتحكم ببقائها، إلا أنه لما كانت الطهارة والنجاسة الواقعيتان غير منوطتين بالعلم والجهل فلا محالة يكون هذا الاستمرار المدلول عليه حكما بالبقاء عنوانا وادعاء، كما يأتي توضيحه في البحث عن مفاد النقض أيضا، وهو عبارة عن الاستصحاب استصحاب الطهارة. هذا.
أقول: إن بيانه (قدس سره) وإن أزال إشكال الجمع بين النقيضين أو استعمال اللفظ في معنيين إلا أنه مع ذلك يرد عليه أمور:
أحدها أنه إذا كان موضوع الحكم في الحديث هو ذات الأشياء - كما هو المفروض وظاهر الصدر - فإطلاقه لا يقتضي إلا أن ذات الشئ هو تمام الموضوع لهذا الحكم، يدور الحكم معها حيثما دارت، من دون أن يتجافى الحكم عن نفس الذات، ولا أن يصير موضوعه عناوين الحالات المختلفة العارضة، فلا يكون موضوعه مشكوك الطهارة بما أنه مشكوكها لكي يستفاد قاعدة الطهارة، بل إنما يدل على أن هذا الموضوع محكوم بهذا الحكم من دون دخل للعلم به وعدمه، كسائر أحواله، وليس مقتضاه إلا سريان الطهارة الواقعية بالنسبة إلى جميع أحوال الموضوع، وسره: أن الإطلاق هو رفض القيود وعدم دخل شئ منها في ترتب الحكم، لا الجمع بينها ودخل كل منها فيه.
ثانيها: أن التمسك بها في المشتبه الطهارة بالشبهة الموضوعية تمسك بالعام في شبهة المخصص المصداقية، وهو غير جائز، وذلك بداهة أن فرض الشبهة الموضوعية لمشكوك الطهارة فرض ورود التخصيص على عموم مفاد الصدر، كما لو ورد الدليل على أن " ملاقي البول نجس " وشك في شئ أنه هل لاقاه البول