على أنها لبكر، والمفروض أن شهادة كل واحد منهما ليست بحجة في مدلولها المطابقي، مع قطع النظر عن معارضة إحداهما مع الأخرى، لتوقف حجية شهادة الواحد على ضم اليمين، ففي مثل هذا الفرض هل يمكن الأخذ بمدلولهما الالتزامي، وهو عدم كون هذه الدار لزيد لكونهما متوافقين فيه فلا حاجة إلى ضم اليمين في الحكم بأن الدار ليست لزيد؟ كلا.
الرابع: ما إذا قامت البينة على أن الدار التي في يد عمرو لزيد، ولكن زيدا قد أقر بأنها ليست له فلا محالة تسقط البينة من جهة الإقرار فإنه مقدم عليها، وبعد سقوط البينة عن الحجية بالإضافة إلى الدلالة المطابقية من جهة قيام الإقرار على خلافها فهل يمكن الأخذ بها بالإضافة إلى الدلالة الالتزامية، والحكم بعدم كون الدار لعمرو؟ كلا.
وقد تلخص من ذلك: أنه لا يمكن الأخذ بالدلالة الالتزامية في شئ من تلك الموارد وما شاكلها بعد سقوط الدلالة المطابقية فيها.
وأما حلا: فلأن الدلالة الالتزامية ترتكز على ركيزتين من ضم إحداهما إلى الأخرى يتشكل القياس على نحو الشكل الأول: الأولى ثبوت الملزوم. الثانية ثبوت الملازمة بينه وبين شئ، ومن ضم الصغرى إلى الكبرى تحصل النتيجة، وهي ثبوت اللازم.
وأما إذا لم تثبت الصغرى أو الكبرى أو كلتاهما فلا يمكن إثبات اللازم، وفي المقام بما أن المدلول الالتزامي لازم للمدلول المطابقي فثبوته يتوقف على ثبوت الملازمة وثبوت المدلول المطابقي، فإذا لم يثبت المدلول المطابقي أو ثبت ولكن لم تثبت الملازمة فلا يثبت المدلول الالتزامي لا محالة، ولا يفرق في ذلك بين حدوثه وبقائه أصلا.
وبعبارة أخرى: أن ظهور الكلام في مدلوله الالتزامي وإن كان مغايرا لظهوره في مدلوله المطابقي إلا أن ظهوره في ثبوت المدلول الالتزامي ليس على نحو الإطلاق، بل هو ظاهر في ثبوت حصة خاصة منه، وهي الحصة الملازمة للمدلول المطابقي.