(والتحقيق في رفع هذا الإشكال أن يقال: إن الموارد التي توهم انخرام القاعدة فيها لا يخلو: إما أن يكون المتقدم أو المتأخر شرطا للتكليف، أو الوضع، أو المأمور به.
أما الأول فكون أحدهما شرطا له ليس إلا أن للحاظه دخلا في تكليف الآمر، كالشرط المقارن بعينه، فكما أن اشتراطه بما يقارنه ليس إلا أن لتصوره دخلا في أمره بحيث لولاه لما كاد يحصل له الداعي إلى الأمر كذلك المتقدم أو المتأخر.
وبالجملة: حيث كان الأمر من الأفعال الاختيارية كان من مبادئه - بما هو كذلك - تصور الشئ بأطرافه ليرغب في طلبه، والأمر به بحيث لولاه لما رغب فيه ولما أراده واختاره، فيسمى كل واحد من هذه الأطراف التي لتصورها دخل في حصول الرغبة فيه وإرادته شرطا، لأجل دخل لحاظه في حصوله، كان مقارنا له أو لم يكن كذلك، متقدما أو متأخرا، فكما في المقارن يكون لحاظه في الحقيقة شرطا كان فيهما كذلك فلا إشكال.
وكذا الحال في شرائط الوضع مطلقا ولو كان مقارنا، فإن دخل شئ في الحكم به وصحة انتزاعه لدى الحاكم به ليس إلا ما كان بلحاظه يصح انتزاعه، وبدونه لا يكاد يصح اختراعه عنده، فيكون دخل كل من المقارن وغيره بتصوره ولحاظه وهو مقارن، فأين انخرام القاعدة العقلية في غير المقارن؟ فتأمل تعرف) (1).
ملخص ما أفاده (قدس سره): هو أن الشرط في الحقيقية تصور الشئ ووجوده الذهني دون وجوده الخارجي، وإطلاق الشرط عليه مبني على ضرب من المسامحة باعتبار أنه طرف له، وعلى ضوء هذا الأساس لا فرق بين كون وجود الشرط خارجا متأخرا عن المشروط، أو متقدما عليه، أو مقارنا له، إذ على جميع هذه التقادير: الشرط واقعا والدخيل فيه حقيقة هو لحاظه ووجوده العلمي، وهو معاصر له زمانا ومتقدم عليه رتبة.