التحقيق: هو الثاني، لمساعدة الوجدان عليه، ولان الزجر عن الفعل مستلزم للزجر عما يخرج الفعل من العدم إلى الوجود، لا عن كل ما هو دخيل في تحققه، لان وجود سائر المقدمات وعدمها سوأ في بقاء المبغوض على عدمه، والمبغوض هو انتقاض العدم بالوجود، و ما هو سبب لذلك هو الجز الأخير في المترتبات، بمعنى أن وجود سائر الأجزاء مع عدم هذا الجز لا يوجب انتقاض العدم وتحقق المبغوض، فلا ملاك لمبغوضيتها، وفي غير المترتبات يكون المجموع كذلك، وعدمه بعدم جز منه، وقياس مقدمات الحرام بالواجب مع الفارق.
وما في تقريرات بعض محققي العصر: من أن مقوم الحرمة هو مبغوضية الوجود، كما أن مقوم الوجوب محبوبيته، ومقتضاه سراية البغض إلى علة الفعل المبغوض، فيكون كل جز من أجزأ العلة - التوأم مع وجود سائر الأجزاء بنحو القضية الحينية - مبغوضا بالبغض التبعي، وحراما بالحرمة الغيرية (1).
ففيه: - مضافا إلى أن المبغوضية لا يمكن أن تكون مقومة للحرمة، ولا المحبوبية للوجوب، لأنهما في الرتبة السابقة على الإرادة المتقدمة على البعث والزجر المنتزع منهما الوجوب والحرمة - أن مبغوضية الفعل لا يمكن أن تكون منشأ لمبغوضية جميع المقدمات، لعدم المناط فيها على نحو العام الاستغراقي، لان البغض لشئ يسري إلى ما هو محقق وجوده وناقض عدمه،