أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
ولكنه باعتبار ما يعقبه من الصحة والراحة التي هي أعظم بنظر العقل من ذلك الألم الوقتي يدخل فيما يستحسن. كما قد يكون الشئ بعكس ذلك حسنا تلتذ به النفس - كالأكل اللذيذ المضر بالصحة - ولكن ما يعقبه من مرض أعظم من اللذة الوقتية يدخله فيما يستقبح.
والإنسان بتجاربه الطويلة وبقوة تمييزه العقلي يستطيع أن يصنف الأشياء والأفعال إلى ثلاثة أصناف: ما يستحسن، وما يستقبح، وما ليس له هاتان المزيتان. ويعتبر هذا التقسيم بحسب ماله من الملائمة والمنافرة، ولو بالنظر إلى الغاية القريبة أو البعيدة التي هي قد تسمو عند العقل على ماله من لذة وقتية أو ألم وقتي، كمن يتحمل المشاق الكثيرة ويقاسي الحرمان في سبيل طلب العلم أو الجاه أو الصحة أو المال، وكمن يستنكر بعض اللذات الجسدية استكراها لشؤم عواقبها. وكل ذلك يدخل في الحسن والقبح بمعنى الملائم وغير الملائم.
قال القوشجي في شرحه للتجريد عن هذا المعنى: وقد يعبر عنهما - أي الحسن والقبح - بالمصلحة والمفسدة، فيقال: الحسن ما فيه مصلحة، والقبيح ما فيه مفسدة، وما خلا منهما لا يكون شيئا منهما (1).
وهذا راجع إلى ما ذكرنا، وليس المقصود أن للحسن والقبح معنى آخر بمعنى ماله المصلحة أو المفسدة غير معنى الملائمة والمنافرة، فإن استحسان المصلحة إنما يكون للملائمة واستقباح المفسدة للمنافرة.
وهذا المعنى من الحسن والقبح أيضا ليس للأشاعرة فيه نزاع، بل هما عندهم بهذا المعنى عقليان، أي مما قد يدركه العقل من غير توقف على حكم الشرع. ومن توهم أن النزاع بين القوم في هذا المعنى فقد ارتكب شططا! ولم يفهم كلامهم.

(1) شرح التجريد: ص 338.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الملازمات العقلية تمهيد، وفيه بيان أمرين: 261
2 1 - أقسام الدليل العقلي 262
3 2 - لماذا سميت هذه المباحث بالملازمات العقلية؟ 264
4 الباب الأول: المستقلات العقلية تمهيد 268
5 المبحث الأول: التحسين والتقبيح العقليان 1 - معنى الحسن والقبح وتصوير النزاع فيهما 272
6 2 - واقعية الحسن والقبح في معانيه، ورأي الأشاعرة 276
7 3 - العقل العملي والنظري 277
8 4 - أسباب حكم العقل العملي بالحسن والقبح 279
9 5 - معنى الحسن والقبح الذاتيين 284
10 6 - أدلة الطرفين 286
11 المبحث الثاني: إدراك العقل للحسن والقبح 291
12 المبحث الثالث: ثبوت الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع 293
13 الباب الثاني: غير المستقلات العقلية وفيه مسائل خمس: المسألة الأولى: الإجزاء تصدير، وفي المسألة مقامان: 301
14 المقام الأول: الإجزاء في الأمر الاضطراري 303
15 المقام الثاني: الإجزاء في الأمر الظاهري 307
16 تمهيد، ويعقد البحث في ثلاث مسائل: 307
17 1 - الإجزاء في الأمارة مع انكشاف الخطأ يقينا 308
18 2 - الإجزاء في الأصول مع انكشاف الخطأ يقينا 311
19 3 - الإجزاء في الأمارات والأصول مع انكشاف الخطأ بحجة معتبرة 313
20 تنبيه في تبدل القطع 315
21 المسألة الثانية: مقدمة الواجب تحرير النزاع 317
22 مقدمة الواجب من أي قسم من المباحث الأصولية 318
23 ثمرة النزاع 319
24 للمسألة تمهيدات تسعة: 1 - الواجب النفسي والغيري 320
25 2 - معنى التبعية في الوجوب الغيري 322
26 3 - خصائص الوجوب الغيري 325
27 4 - مقدمة الوجوب 328
28 5 - المقدمة الداخلية 329
29 6 - الشرط الشرعي 330
30 7 - الشرط المتأخر 333
31 8 - المقدمات المفوتة 336
32 9 - المقدمة العبادية 344
33 النتيجة: مسألة مقدمة الواجب والأقوال فيها 350
34 المسألة الثالثة: مسألة الضد تحرير محل النزاع 355
35 1 - الضد العام 357
36 2 - الضد الخاص 360
37 ثمرة المسألة 364
38 مسألة الترتب 370
39 المسألة الرابعة: اجتماع الأمر والنهي تحرير محل النزاع 376
40 المسألة من الملازمات العقلية غير المستقلة 381
41 مناقشة الكفاية في تحرير النزاع 383
42 قيد المندوحة 383
43 الفرق بين بابي التعارض والتزاحم ومسألة الاجتماع 384
44 الحق في المسألة 391
45 تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون 397
46 ثمرة المسألة 399
47 اجتماع الأمر والنهي مع عدم المندوحة 401
48 حرمة الخروج من المغصوب أو وجوبه 404
49 صحة الصلاة حال الخروج 409
50 المسألة الخامسة: دلالة النهي على الفساد تحرير محل النزاع، وفيه بيان أربعة أمور: 1 - الدلالة 410
51 2 - النهي 412
52 3 - الفساد 412
53 4 - متعلق النهي 413
54 المبحث الأول: النهي عن العبادة 414
55 المبحث الثاني: النهي عن المعاملة 419