بالحج المرتب وجودا على حصول الاستطاعة، ومن قبيل الأمر بالصلاة بعد حصول البلوغ أو دخول الوقت.
ولكن هذا الوجه من التبعية أيضا لا ينبغي أن يكون هو المقصود هنا، فإنه لو كان ذلك هو المقصود لكان هذا الوجوب للمقدمة - في الحقيقة - وجوبا نفسيا آخر في مقابل وجوب ذي المقدمة وإنما يكون وجوب ذي المقدمة له السبق في الوجود فقط. وهذا ينافي حقيقة المقدمية، فإنها لا تكون إلا موصلة إلى ذي المقدمة في وجودها وفي وجوبها معا.
3 - أن يكون معنى " التبعية " ترشح الوجوب الغيري من الوجوب النفسي لذي المقدمة على وجه يكون معلولا له ومنبعثا منه انبعاث الأثر من مؤثره التكويني، كانبعاث الحرارة من النار.
وكأن هذا الوجه من التبعية هو المقصود للقوم، ولذا قالوا بأن وجوب المقدمة تابع لوجوب ذيها إطلاقا واشتراطا لمكان هذه المعلولية، لأن المعلول لا يتحقق إلا حيث تتحقق علته وإذا تحققت العلة لابد من تحققه بصورة (1) لا يتخلف عنها. وأيضا عللوا امتناع وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها بامتناع وجود المعلول قبل وجود علته.
ولكن هذا الوجه لا ينبغي أن يكون هو المقصود من تبعية الوجوب الغيري وإن اشتهر على الألسنة، لأن الوجوب النفسي لو كان علة للوجوب الغيري فلا يصح فرضه إلا علة فاعلية تكوينية دون غيرها من العلل، فإنه لا معنى لفرضه علة صورية أو مادية أو غائية. ولكن فرضه علة فاعلية أيضا باطل جزما، لوضوح أن العلة الفاعلية الحقيقية للوجوب هو الآمر، لأن الأمر فعل الآمر.
والظاهر أن السبب في اشتهار معلولية الوجوب الغيري هو أن شوق